الاثنين، 21 فبراير 2011

رحلة إلى بلاد الأشواق " 8 "


بسم الله الرحمن الرحيم

رحلة إلى بلاد الأشواق " 8 "

خالد ابن عبد الرحمن الشايع

الحمد الله وحده.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .. ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ..

أما بعــــــــــد ...

لازلنا على مشارف أبواب الجنة .. تقدّم الحديث عن أبوابها وعن سعتها وعن مفتاحها ..
وها هنا تساؤل حول أول الداخلين إلى تلك الجنات , فيحسن أن أورد بعض ما يتعلق بأول من يقرع باب الجنة , فقد أخبر المعصوم صلى الله عليه وسلم عن ما حباه الله من الإكرام , بتقدّمه  لأبواب الجنة وفتحها ..

وهذه الفضيلة العظيمة والمزيّة الجليلة يظهرها الله لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على رؤوس الخلائق كلهم , دلّ على هذا ما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة وأبي حذيفة رضي الله عنهما قالا :{ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يجمع الله تبارك وتعالى الناس فيقوم المؤمنون حتى تُزلف لهم الجنة (تُقرب لهم إكراما ًلهم من الله تعالى ) قال: فيأتون آدم فيقولون يا أبانا استفتح لنا الجنة .. فيقول : وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم ؟ لست بصاحب ذلك , اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله .. قال : فيقول إبراهيم : لست بصاحب ذلك .. إنما كنت خليلا ًمن وراء وراء , فاعمدوا إلى موسى صلى الله عليه وسلم الذي كلّمه الله تكليما .. فيأتون موسى عليه الصلاة والسلام , فيقول عليه الصلاة والسلام لست بصاحب ذلك ..اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه .. فيقول عيسى عليه السلام : لست بصاحب ذلك .. فيأتون محمد صلى الله عليه وسلم فيقوم فيؤذن له }..

وهكذا يظهر للخلائق فضيلة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام بأن خصّه الله جل وعلا بكونه الشافع لأهل الجنة بفتح أبوابها ودخولها ..

وجاء في صحيح مسلم عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا أكثر الأنبياء تبعا ًيوم القيامة , وأنا أول من يقرع باب الجنة }.

وثبت في صحيح مسلم أيضاً عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال :{ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : آتي باب الجنة يوم القيامة فاستفتح .. فيقول الخازن : من أنت ؟ فأقول : محمد .. فيقول : بك أمرت لا أفتح لأحد قبلك} .

وسؤال خازن الجنة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم من أنت ..هذا والله أعلم ليس لعدم معرفته به فقد جعل الله له عليه الصلاة والسلام من مخايل النبوة ومظاهرها ما جعل له من جلالٍ وهيبةٍ في النفس مما عرفه البشر فكيف بالملائكة ..

لكن ذلك السؤال والعلم عند الله .. لأجل إظهار شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم , وأنه هو المخصوص بأمر الله بفتح أبواب الجنة دون غيره من الأنبياء والرسل , تكرمة له وإظهارا ًلمزيّته وشرفه , فإنه لو تقدّم واستفتح وفُتح له من غير سؤال لورد على الذهن أنه ربما لو تقدّم غيره من الأنبياء لفُتح له .. لكن خزنة الجنة مُعلمُون أن لا يُفتح لأحدٍ قبل أن يستفتح محمد صلى الله عليه وسلم .

وكما أن نبينا محمد عليه الصلاة والسلام هو أول من يقرع أبواب الجنة , وأول من يدخلها , فإن أمته هي أول الأمم دخولا .. يدلّ على هذا ما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :{ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نحن السابقون الأولون يوم القيامة , بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم }أي أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى لن يسبقونا إلا بذلك القدر ..
وفي صحيح مسلم من حديث أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :{ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ( يعني الآخرون في وجودنا في هذه الحياة بعد الأمم من قبلنا , لكن الأولون بأسبقية الدخول يوم القيامة إلى الجنة ) قال :{ نحن الآخرون الأولون يوم القيامة ونحن أول من يدخل الجنة , بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فاختلفوا فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق }.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله :{ فهذه الأمة أسبق الأمم خروجا ًمن الأرض , وأسبقهم إلى أعلى مكان في الموقف , وأسبقهم إلى ظل العرش , وأسبقهم إلى الفصل و القضاء بينهم , وأسبقهم إلى الجواز على الصراط , وأسبقهم إلى دخول الجنة , فالجنة محرمة على الأنبياء حتى يدخلها محمد صلى الله عليه وسلم , ومحرمة على الأمم حتى تدخلها أمته } انتهى كلامه .

وهذا الفضل في الأسبقية للأمة المحمدية إنما هو لأمة الإجابة من بين سائر أمة الدعوة , أي أن الذي ينال شرف الأسبقية هم اللذين استجابوا لدعوته عليه الصلاة والسلام .وأيضا ًفإن الشخص بحسب تمسكه بدين الإسلام وإخلاصه لله جل وعلا , وبحسب متابعته للنبي عليه الصلاة والسلام تكون له الأسبقية في الدخول للجنة مع أول من يدخل من هذه الأمة .
ومما يوضح هذا .. ما صح به الخبر من أن الفقراء يسبقون الأغنياء في الدخول , وأيضا ًما صح به الخبر من تأخير النمام , والمتبرجات من النساء , ونحو ذلك مما سيأتي الإشارة إليه بإذن الله تعالى,فإن من الناس من يؤخرون عن دخول الجنة بسبب آثامهم وجرمهم نسأل الله العافية من كل ذلك ..
ونسأله سبحانه وتعالى وهو الجواد الكريم أن يجعلنا من الآمنين يوم الفزع الأكبر .. وأن يدخلنا الجنة بمنّه وكرمه .. إنه سبحانه خير مسئول  وأكرم مأمول ..
وصلى الله وسلم على سيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..                     

0 أضف تعليق:

إرسال تعليق

أخي الزائر/أختي الزائرة:
قبل أن تكتب تعليقك ،تذكر قول الله تعالى :

{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية(18)

.๑. (النور جل جلاله) .๑.

لماكان النور من أسمائه سبحانه وصفاته كان دينه نورا،ورسوله نورا،وكلامه نورا، ودار كرامته لعباده نورايتلألأ،والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين،ويجري على ألسنتهم،ويظهر على وجوههم،ويتم تبارك وتعالى عليهم هذا النور يوم القيامة