الأحد، 27 فبراير 2011

غاياتنا "تدبر القرآن"


بسم الله الرحمن الرحيم

تدبر القرآن
فضيلة الشيخ : سعد بن ناصر الشثري

الحمد لله رب العالمين الذي أنزل علينا القرءان هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان أحمده سبحانه وأشكره وأثني عليه وأشهد أن لا اله إلا الله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ..   
                                        
                                        أما بعد :                                                                                                                                                                                

من الغايات العظيمة التي يسعى إليها كل  مؤمن ويحرص على اغتنامها كل عاقل (تدبر كتاب الله جل وعلا) ..

لماذا كان تدبر كتاب الله غاية من الغايات التي نسعى إليها؟

 كان ذلك لأسباب عديدة أولها: أن تدبر القرآن قربة نتقرب بها إلى الله جل وعلا وسبيل من سبل الطاعة ندين به لله عز وجل فإن الله جل وعلا قد عاب على أولئك الذين لا يتدبرون القرآن كما قال سبحانه:(أفلا يتدبرون القران أم على قلوب اغفالها) وبين أن الغاية من إنزال هذا الكتاب تدبر آياته كما قال تعالى :(كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب) ..

في كتاب الله قصص الأمم الماضية التي حل بها ما حل،أصحاب الطاعة جاءتهم الخيرات والنعم وأصحاب المعاصي جاءتهم العقوبات المتتابعة،في كتاب الله بيان أسباب هذه العقوبات من أجل أن نجتنبها فتبتعد عنا العقوبات وفيها بيان أسباب الخير والنعم فنفعلها ليكون ذلك سبب من أسباب حلول الخير علينا..

 في تدبر كتاب الله ترسيخ الإيمان في القلوب وزيادة اليقين فيها بحيث لا تأتينا الشبهات ولا وساوس الشياطين فتزلزل ما لدينا من إيمان وعقيدة..

في كتاب الله جل وعلا الخير العظيم الذي نصل به إلى جنة الخلد ونكون بذلك ممن رضي عنه رب العزة والجلال إذا تدبرنا كتاب الله تمكنا من تطبيق آيات القرآن على أنفسنا فنكون بذلك ممن أرضى ربه وأسعد نفسه وحصل خيري الدنيا والآخرة..

في تدبر كتاب الله زيادة آفاق المعرفة عند الإنسان وتوسيع مدارك عقله وفهمه..

في تدبر كتاب الله فوائد كثيرة ولذلك فإن العقلاء يحرصون على هذه الغاية العظيمة ويسألون الله جل وعلا أن يفهمهم كتابه ليكونوا بذلك من السعداء في الدنيا والآخرة..
قال الإمام الثعالبي:(تدبر القرآن كفيل لصاحبه بكل خير في الدنيا والآخرة)..

تدبر كتاب الله فيه خيرات عظيمة ولذلك علينا أن نفعل الأسباب التي تؤدي بنا إلى فهم كتاب الله عز وجل..

 ومن تلك الأسباب أولا: الإكثار من قراءة كتاب الله فان من أكثر من قراءة كلام رب العزة والجلال فانه حينئذ سيفتح له أبواب من أبواب الفهم والتدبر وبذلك يكون قد حصل أجور عظيمة فإن العبد يؤجر على قراءته لكتاب الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(اقرؤوا القرآن فانه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه)...

من وسائل تدبر كتاب الله:أن نعرف من لغة العرب ما يمكننا من فهم هذه الآيات القرآنية التي ترد علينا فان القرآن عربي نزل بهذه اللغة،ومن فضل الله عز وجل أن هيأ علماء يتجهون لكتاب الله بالشرح والتفسير ليعرفوا الناس مراد رب العزة والجلال وبالتالي فان قراءة كلام أهل العلم يجعلنا نفهم كلام الله جل وعلا وخصوصا تلك التفاسير التي نثق في مؤلفيها وأصحابها...

من أسباب  تدبر كتاب الله أيضا: أن نتوجه لرب العالمين أن يجعلنا ممن فهم كلامه وتعرف لمراد الله جل وعلا..

من أسباب فهم العبد لكلام الله:أن يعرف القيمة العالية لهذا الكتاب ومحتواه من الخير فإن هذا الكتاب لو انزل على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله فإذا كان هذا تأثيره في الجبال فكيف تأثيره على قلوب الناس،في كتاب الله جل وعلا الهدى والنور والخير والسعادة ومن هنا لابد أن نبحث عن هذه الكنوز العظيمة التي احتواها هذا الكتاب ولا يكون ذلك إلا بتدبر كتاب الله..

ومن وسائل تدبر كتاب الله عز وجل: أن نطبق الآيات القرآنية على أنفسنا والله لو بحثنا في آيات القرآن لوجدنا لكل فعل من أفعالنا إشارة وذكر في هذا الكتاب كأنه إنما أنزل البارحة من أجل أن يحكم على أفعالنا لتكون على أكمل الوجوه وأحسنها،في كتاب الله عز وجل ثمرات عديدة إنما يحصلها العبد بتدبر هذا الكتاب قال تعالى:(كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب) ويقول جل وعلا في كتابه العزيز (أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأتي آبائهم الأولين) ،يقول سبحانه وتعالى موبخا أولئك الذين لا يتدبرون هذا الكتاب:(أفلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلاف كثيرا) وانظر لقول الله عز وجل:(وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) ..

ومن أنواع هجر كتاب الله:ترك تدبر آيات القرآن وعدم معرفة المراد بها،لو جاءك كتاب أو رسالة ممن كان له مكانة ومنزله فانه ليس من العقل في شيء أن لا تتفهم مقصوده بذلك الكتاب فكيف تأتيك هذه الرسالة وهذا الكتاب العظيم من رب العزة والجلال ثم لا تبذل الأسباب فهم لمراد الله ومعرفة المقاصد العظيمة التي احتواها هذا الكتاب قال جل وعلا:(وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم اشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) ..

هذه الآيات جاءت بقصص الأمم الماضية كيف أهلكهم الله أمة قائمة عظيمة لها شأن كبير أهلكت بأسباب يسيرة سهلة..

 لو تدبرنا هذه الآيات فقط لكان في ذلك أعظم موعظة لقلوبنا فكيف إذا تدبرنا الآيات القرآنية التي فيها صفات رب العالمين..

لو تدبرنا الآيات القرآنية التي فيها صفات الجنة وصفات النار والله لو تدبرناها لانقلبت حياتنا وأصبحنا أسعد الناس وأصبحنا ممن جمع خيري الدنيا والآخرة ..

اللهم اذقنا فهما لكتابك، وتدبرا لآياتك،وعملا به..
                     اللهم يا حي يا قيوم أكرمنا بفهم هذا الكتاب العظيم..                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                     

وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين..


تابع القراءة...

الخميس، 24 فبراير 2011

نظرات في كلمات عن الأخلاق "نُخْطِئُ كثيراً"



نُخْطِئُ كثيراً

نخطئ كثيراً حينما يتّجه أحدنا إلى العناية بالطِّيبِ المصنوع ويتجاهل الطِّيبَ المطبوع، أَعْني به: طهارة السريرة وحُسْن الخُلُقِ والسيرة!!.

 وننسى الفرقَ بين الطِّيب الذي يَذْهبُ مع الهواء وأدراج الرياح والطِّيبِ الذي يستقرُّ في النفوس والأرواح!!
وكم هو الفرق بين طيبٍ يُمْكن أن يتطيب به خبيث النفس والخلق، وطيب لا يتحلى به إلا مَنْ طابت نفسه وأخلاقه؟!.

نخطئ كثيراً حينما نهتم بملابسنا ومظاهرنا على حساب بواطننا وقلوبنا وأخلاقنا!!.

نخطئ كثيراً حينما نُعْنى بأجسامنا ونهمل قلوبنا ونفوسنا!!.

نخطئ كثيراً حينما نُعْنى بإصلاح ما بيننا وبين المخلوقين وننسى ما بيننا وبين الخالق سبحانه!!

نخطئ كثيراً حينما نتأدب مع المخلوقين وننسى الأدب مع الخالق سبحانه!!.

نخطئ كثيراً حينما نُصْلح دنيانا بتمزيق ديننا!!.

نخطئ كثيراً حينما نُصْلح دنيانا وننسى آخرتنا!!.

نخطئ كثيراً حينما يَعْمَدُ أحدنا إلى التأدب مع الأبعدين وينسى الأقربين!!.

نخطئ كثيراً حينما نهتم بأنفسنا وننسى الآخرين!!.

نخطئ كثيراً حينما لا نتنبّهُ إلى أننا نخطئ كثيراً!!.

نخطئ كثيراً حينما لا نشعر بأهمية محاسبة أنفسنا وتعديل أخطائنا!!.


تابع القراءة...

الاثنين، 21 فبراير 2011

غاياتنا "محبة الله لنا"


بسم الله الرحمن الرحيم

محبة الله لنا 

فضيلة الشيخ: سعد بن ناصر الشثري

  
الحمد لله رب العالمين أحمده على نعمه الكثيرة التى أسداها لنا وأشكره على مننه الجزيلة التي أعطاها لنا ..


وأشهد أن لا اله إلا الله وحده  لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه  وعلى آله وأصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا..
   
 أما بعد:


أرحب بكم أخواني المشاهدين الكرام وأسأل الله جل وعلا أن يتقبل منا ومنكم وأن يجعلنا وإياكم من عباد الله المخلصين..



 وبعد: لنا غايات وأهداف نرجوا أن نحققها ونسعى إلى تحصيلها
هذه الغايات غايات عالية ،غايات طيبة كثيرة ،هذه الغايات من أهمها أن يحبنا الله كيف نتمكن من الحصول على هذه المرتبة العظيمة  محبة رب العالمين لنا ؟  



محبة الله جل وعلا لها ثمرات كثيرة ونتائج عديدة من تلك الثمرات التي نحصلها من محبة الله أن يورث الله جلا وعلا  محبتنا في قلوب خلقه كما فى الحديث
 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(إن الله إذا أحب عبدا نادى جبريل أني أحب فلان فينادي جبريل في أهل السماء أن الله يحب فلان فأحبه فيوضع له القبول في الأرض )



كذلك محبة الله من أسباب وقاية الله للعبد من المعاصي والذنوب...



ومن أسبابه مباركة الله للعبد فى أعماله وتوفيقه بأن يقدم على العمل الصالح الطيب ويبتعد عن العمل السيئ  ؛يقول النبي صلى الله عليه وسلم :( قال الله عز وجل: وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولإن سألني لأعطينّه ولإن استعاذني لأعيذنّه )



ومن هنا لابد أن نتدارس هذا الموضوع المهم الا وهو محبة الله للعبد ، كيف نحصلها وكيف نبتعد عن الموانع التي تمنع محبة الله لنا لقد ذكر الله جلا وعلا فى كتابه أسباب عديدة تجعل الله يحب لنا؛ جاء بعض الناس إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم  فقالوا : يارسول الله إنا نحب الله فأنزل الله  آية الامتحان التي تختبرهم هل محبتهم محبة صحيحة أو ليس كذلك فقال تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفرلكم ذنوبكم)



فليس الشأن في أن تحب الله وإنما الشأن كل الشأن في أن يحبك الله ولذلك لعلنا نتدارس بعض الأسباب المؤدية إلى محبة الله للعبد من تلك الأسباب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم  كما في الآية السابقة ؛ فإن من اتبعه صلى الله عليه وسلم أحبه الله جلاوعلا  ومن ذلك الإحسان بأن يحسن العبد فى عبادته لربه بحيث يكون على صفة لو رآه الله جلا وعلا لأحبه ورضي منه عمله ..
ونحسن إلى عباده بتقديم العمل الطيب الذي يسعدهم في دنياهم وآخرتهم  قال تعالى (واحسنوا إن الله يحب المحسنين )



وكذلك من أسباب محبة الله للعبد التقوى كما قال سبحانه (أن الله يحب المتقين ) المراد بالتقوى أن يجعل العبد بينه وبين عذاب الله وسخطه وقايه بفعل الطاعات واجتناب المعاصى ؛وكذلك من أسباب محبة الله للعبد العدل في التعامل مع الخلق وفى الحكم بين المتخاصمين  وفي جميع أحوال الإنسان  فإن من عدل فإن الله يحبه كما قال سبحانه :
(وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين)
أي: العادلين..



كذلك من أسباب محبة الله للعبد أن يكون العبد على طهارة ونقاء يتطهر قلبه من الغل والحقد والحسد ويتطهر فى نفسه من الذنوب والمعاصي كما قال سبحانه ((إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ))
التوابين هم كثيرين التوبة الذين كلما وقع منهم ذنب عادوا إلي الله وتابوا من ذلك الذنب الذي عملوه...


كذلك من أسباب محبة الله للعبد الصبر بحيث يصبر الإنسان على المصائب التى تصيبه فلا يسخط ولا يتجزع وكذلك يصبر على الطاعات فيقدم عليها وكذلك يصبر عن المعاصي فيبتعد عنها ولايقدم عليها قال جلا وعلا (والله يحب الصابرين ) كذلك من أسباب محبة الله للعبد أن يكون العبد متوكلا على الله بمعنى أن يكون مفوضا للأمور لله فهو يعلم أنما فى الدنيا لا يمكن أن يكون شيئا فى الدنيا إلا بقضاء من الله وقدر ومن هنا فهو يستمد العون من الله وهو يعتمد بقلبه على الله ويعلم أن الأسباب ليست مؤثرة بذاتها
 وإنما تؤثر بقضاء الله وقدره الذى يقول للشيء كن فيكون ، قال تعالى (فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين )..




هناك أسبابا أخرى وردت  فى أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، تجعل الله يحب العبد من تلك الأسباب أن يكون المرء رفيقا فى التعامل مع الآخرين يقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله رفيقا يحب الرفق في الأمر كله )...
ومن ذلك أن يكون العبد سمحا في التعامل بيعا وشراء تعاملا
وإعطاء وأخذا ...
 يقول النبي صلى الله عليه وسلم (أحب الله عبدا سمحا إذا باع سمحا إذا ابتاع )

وكذلك جاء فى الحديث بيان أن حرص الإنسان على طهارة ثيابه ونقائها من أسباب محبة الله للعبد  ،لما قيل النبي صلى الله عليه وسلم إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم قال :إن الله جميل يحب الجمال )
 ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله يحب العبد التقي النقي الخفي) .. 
التقي: الذي يقدم على الطاعات ويبتعد عن المعاصى.
النقي: الذي لم يداخل مع شيء من المحرمات بالمكاسب ولاغيرها .
 الخفي: الذي لديه عبادات يخفيها عن الناس لايطلع عليها إلا رب العزة والجلال جلاوعلا .



كذلك من الأمور التي تنتج محبة الله للعبد أنه يحرص على محبة خلق الله في اللهيحب المؤمنين تقربا لله عزوجل يقول النبي صلي الله عليه وسلم:( قال الله عز وجل: وجبت محبتي للمتحابين فيّ ،والمتزاورين فيّ، والمتجالسين فيّ
 والمتباذلين فيّ)



فإذا أحب الناس بعضهم بعضا في الله وتجالس بعضهم مع بعض لله ، كما في مجلسنا هذه ولو ابتعدت بنا الأقطار والمسافات فنحن قد جلسنا مجلس علم لله
 وكذلك إذا تزاور الناس لله ، أو بذل بعضهم شيئا مما لديه لإخوانه الذين يحبهم فى الله، وكل هذه الامور تستدعي محبة الله للإنسان فيكون ذلك من أسباب محبة الله جلاوعلا لك يا أيها المؤمن..



 إذا كانت هذه الصفات تستجلب محبة الله للعبد، فهناك صفات أخرى تجعل العبد يبتعد عن محبة الله وتجعل العبد لايحبه رب العزة والجلال ،ولذلك علينا أن نتدارسها من أجل أن نجتنبها ؛فننفي عن أنفسنا موانع محبة الله جلاوعلا ..



يقول الله جلا وعلا ((ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين )) فالاعتداء على الآخرين سواء كان اعتداء بالقول أو اعتداء باليد سواء اعتداء في الأعراض أو الأموال أو في الدماء كل هذا من أسباب ابتعاد محبة الله للعبد ..



كذلك من أسباب ابتعاد محبة الله عن العبد الفساد فإن المفسدين لا يحبهم الله جلا وعلا  سواء افسدوا أديان الناس أو أفسدوا أمولهم أو أفسدوا أعراضهم أو افسدوا  أي شيء من مصالح الناس سواء كان في الأمور العامة الناس يحتاج إليه الناس عموما أوكانت فى خصائص الناس فهذه من أسباب ابتعاد محبة الله جلاوعلا عن العبد؛وهكذا أيضا التكبر والتجبر عن الناس من أسباب ابتعاد محبة الله عن العبد ؛يقول الله جلاوعلا ((إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ))



المختال:المتكبر، الفخور: الذي يفخر بم لديه من النعم ويكون ذلك من أسباب بغيه على الناس ..



كذلك من أسباب ابتعاد  محبة الله عن العبد الإسراف فإن العبد إن أسرف وبذل نعم الله فيما لايحتاج إليه كان ذلك من أسباب ابتعاد محبة الله عن العبد يقول الله جلاوعلا (إن الله لا يحب المسرفين )،(وكلوا وشربوا ولاتسرفوا إن الله لا يحب المسرفين )  فالإسراف من أسباب ابتعاد  محبة الله عن العبد ...



هكذا أيضا الخيانة فإن العبد إذا خان الآخرين كان ذلك من أسباب ابتعاد محبة الله عن العبد ،كما قال جلاوعلا (إن الله لا يحب الخائنين)...



وانظر لهذه الآية في آخر جلستنا  هذه يقول عز وجل (يائها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه )

فإن لم تستجلب محبة الله لك فإن الله جلا وعلا سيستبدلك بغيرك وسيأتي بأمم وأشخاص يحبهم الله ويحبون الله .

أسأل الله جلا وعلا أن يجعلنا وإياكم مما أحبه الله
فكان ذلك من أسباب سعادته فى دنياه وأخرته..

 هذا وإلى لقاء قريب ..

والسلام عليكم ورحمة وبركاته.. 


تابع القراءة...

رحلة إلى بلاد الأشواق " 15 "


بسم الله الرحمن الرحيم

رحلة إلى بلاد الأشواق " 15 "

فضيلة الشيخ خالد ابن عبد الرحمن الشايع

أحمد لله تعالى .. وأصلي وأسلم على خير خلقه نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين بإحسان إلى يوم الدين ..

أما بعـــــــــــد..

أرحب بكم أيها الإخوة و الأخوات .. في سياق هذه الرحلة الكريمة ,التي حطّت بنا في حلقة ماضية في رحاب أزواج الجنة و الحـــور العــــــــــين ...

وقدّمت ما حفل به القرءان الكريم من وصف النعيم للحور العين في جنات النعيم ,كما تقدمت الإشارة إلى بعض الآيات الدالة على هذا المعنى.

وتقدّم الكلام على أن الحور جمع حوراء و هي المرأة الشابّة الحسناء الجميلة البيضاء ,شديدة بياض العين شديدة سوادها التي يحار الطرف في حسنها لطهرها ,وكمال حسنها الحسي و المعنوي الظاهر و الباطن من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها ..جمال ونور ..وبهاء و حسن منطق ..و طيب عشرة ولطف معاملة ..إلى غير ذلك من جوانب الحسن .

ومما جاء من وصفهنّ في الكتاب العزيز ..قول ربنا سبحانه عن أهل الجنة ((وعِندَهُم قَاصِرَاتُ الطَرفِ عِين كَأنَّهُنَّ بَيضٌ مَكنون )) فهذه الآيات ونحوها أفادت ببعض صفات الحور العين و طهرهن وجمالهن ومن ذلك أنهن في غاية الجمال الحسي و المعنوي ,و وصفن بأنهن قاصرات الطرف أي حابسات أنظارهنَّ حياءً و غنجا ,وقوله ((حُورٌ عِين كَأمثَالِ اللؤلؤِ المَكنُون )) يدلّ على هذا المعنى ,فاللؤلؤ المكنون هو اللؤلؤ المصون الذي لم يتعرض للمس و النظر ,فلم تثقبه يد و لم تخدشه عين ,و في هذا كناية عن معاني حسية و نفسية لطيفة في هؤلاء الحور الواسعات العيون ,وهي إشارة إلى ما ينبغي أن تتصف به المرأة في الدنيا من هذه الصفات الكريمة بحيث تحفظ نفسها و ما يحفظ لها حياءها و حشمتها.

قال ابن عاشور:{ ذكر هنا في هذه الآية (وعندهم قاصرات الطرف ) "فعند" في هذه الآية لإفادة أنهنَّ ملابسات لهم في مجالسهم التي تُدار عليهم فيها كأس الجنة .

وقال الله تعالى أيضا ً في وصف نساء الجنة وحورها (( فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَرفِ لَم يَطمِثهُنَّ إنسٌ قَبلَهُم و لا جَان فبأيّ آلآ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان كَأنَّهُنَّ اليَاقُوتُ وَ المَرجَان )) وقد تكرر وصف الله سبحانه لهن بقصر الطرف في ثلاثة مواضع في القرءان أحدها هذا .

و الثاني قوله سبحانه في الصافات (( و عِندَهُم قَاصِرَاتُ الطَرفِ عِين )) .

و الثالث قوله تعالى في سورة ص (( و عِندَهُم قَاصِرَاتُ الطَرفِ أترَاب )) .

قال ابن القيم :{ والمفسّرون كلهم على أن المعنى قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يطمحن إلى غيرهم ,وقيل قصرن طرف أزواجهن عليهن فلا يدعهم حسنهُنَّ و جمالهن أن ينظروا إلى غيرهن }.

قال ابن عادل:{ و يدل أيضا ًعلى الحياء لأن الطرف حركة الجفن ,والحيية لا تحرك جفنها ولا ترفع رأسها }.

و أما الأتراب: فجمع ترب وهو لِدَةُ الإنسان ,قال ابن عباس وسائر المفسرين :{ مستويات على سنٍّ واحد و ميلاد واحد ,بنات ثلاث وثلاثين سنة }.

قال ابن القيم:{ و المعنى من الإخبار باستواء أسنانهن أنهن ليس فيهن عجائز قد فات حسنهن ,و لا ولائد صغيرات ,بخلاف الذكور فإن فيهم الولدان و هم الخدم }.

و هذه أعمار الرجال في الجنة أيضا كما رواه معاذ ابن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :{يدخل أهل الجنة الجنة جردا ًمردا ًمكحّلين ,بني ثلاثا ًوثلاثين}رواه الترمذي وغيره و صححه الألباني.
وفي آية أخرى وصفهن الله ((عُرُبَا ًأترَابَا )) جمع عَروب وهن المتحببات إلى أزواجهن ,قال ابن الأعرابي :{ العروب من النساء المطيعة لزوجها , المتحببة إليه }.

وقال أبو عبيدة:{العروب الحسنة التبعّل}. قال ابن القيم :{يريد حسن مواقعتها و ملاطفتها لزوجها}.

وقال المبرّد:{ العروب هي العاشقة لزوجها }. قال ابن القيم :{ ذكر المفسِّرون في تفسير العُرُب أنهنَّ العواشق المتحببات الغنجات الشكلات المتعشّقات ,قال :كل ذلك من ألفاظهم}.

وقال البخاري في صحيحه :{ عُرُبا ًمثقّلة واحدها عَروب , مثل صبور و صُبُر ,وتسمّيها أهل مكة العَرِبة ,و أهل المدينة الغَنِجة ,و أهل العراق الشَكِلة ,و العُرُب و المتحببات إلى أزواجهن}قال ابن القيم :هكذا ذكره في كتاب "بدء الخلق" و أيضا ًفي كتاب "التفسير في سورة الواقعة " .

قال ابن القيم :{ فجمع سبحانه بين حسن صورتها وحسن عشرتها ,و هذا غاية ما يطلب من النساء و به تكمل لذّة الرجل بهن}.

 قال ابن القيم :{الكواعب جمع كاعب وهي النهد},و بنحو هذا ذكر المفسِّرون حول تفلّقِهن أيضا ًو أصله من الاستدارة ,إلى آخر ما جاء من كلامهم في هذا الباب ,وهو يشير إلى ما اختُصَّ به نساء الجنة من جمال الحسن في هذا الموضع , فليس ثمّة تدلٍّ لنواهدهن و إنما هو على غاية الجمال و الكمال}.

و جاء في وصفهن أيضا ًقوله تعالى ((إنَّا أنشَأنَاهُنَّ إنشَاءَ ))قال ابن كثير:{ أي أعدناهن في النشأة الآخرة بعدما كنَّ عجائز رُمصا ,صرنَ أبكارا ًعُرُبا ,أي بعد الثيوبة عُدنَ أبكارا ًعُرُبا أي متحببات إلى أزواجهن بالحلاوة و الظرافة و الملاحة}.

 وقال ابن عادل:{ إنَّا أنشأناهن , قيل الضمير يعود على الحور العين ,أي خلقناهن من غير ولادة ,فالحوراء مخلوقة خلقة كاملة لم يسبقها ولادة لها} قال:{ وقيل المراد نساء بني آدم خلقناهن خلقا ًجديدا ًوهو الإعادة ,أي أعدناهن إلى حال الشباب وكمال الجمال ,و هذا يُرجّحه قوله تعالى ((فَجَعلنَاهُنَّ أبكَارَا )) لأن المخلوقة ابتداءً معلوم أنها بكر .

و جاء في وصف نساء الجنة قوله سبحانه (( كَأنَّهُنَّ الياقوتُ و المرجَان )) قال مجاهد و الحسن و السدّي وغيرهم:{أي في صفاء الياقوت ,وبياض المرجان}فجعلوا المرجان ها هنا اللؤلؤ , وقيل التشبيه هنا للنفاسة لا للون .

المعنى بهذا أنهن حاضرات بحسنهنَّ يتلألأن بهذا النور الذي عليهن ,و الكمال والجمال الذي يكسوهن. و أثنى الله على أخلاقهن فقال سبحانه(( فِيهِنَّ خَيرَاتٌ حِسَان )) فالخيرات جمع خَيرة ,و هي مخففة من خيّرة كسيّدة ,وحِسان جمع حسنة , فهنَّ خيّرات في الصفات و الأخلاق و الشّيم ,و حِسان الوجوه أيضا.

و بعـــــــــد ..فلا  يزال ثمّة من وصف النعيم لأهل الجنة بالنسبة لنساءهم فيها بقية ,وخاصة ما  حفلت به السُنّة أرجئه إلى حلقة قادمة بإذن الله ..
نسأل الله تعالى الكريم من عطاءه وفضله و سابق نعمه في الدنيا و الآخرة ..إنه سبحانه بــــر رحــيم ..
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...    

    







تابع القراءة...
.๑. (النور جل جلاله) .๑.

لماكان النور من أسمائه سبحانه وصفاته كان دينه نورا،ورسوله نورا،وكلامه نورا، ودار كرامته لعباده نورايتلألأ،والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين،ويجري على ألسنتهم،ويظهر على وجوههم،ويتم تبارك وتعالى عليهم هذا النور يوم القيامة