الثلاثاء، 26 يوليو 2011

العلم


بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة برنامج غاياتنا


فضيلة الشيخ: سعد الشثري - حفظه الله - 


العلم


الحمدُ لله رب العالمين علم الإنسان ما لم يعلم أحمده على نعمه وأشكره وأثني عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأتباعه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فإن من الغايات التي يسعى إليها كثيرٌ من العقلاء: تحصيل العلم الشرعي
الذي يقرب الإنسان  عند الله ويرفع درجته لديه ويعلمه كيف يعبد الله وكيف يتقي ما حرم الله عليه ،وكيف يسلك الطريق إلى حصول جنة الخلد،وكذلك يتعلم بالعلم صفات رب العالمين فيخشاه حق خشيته ويرجوه ويُأمل في ربه جل وعلا.

العلم الشرعي غاية عظيمة النفع دنياً وآخرة، ويحصل بها الخير الكثير ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقه في الدين )

كم من آية في كتاب الله تحثُ على التعلم، كم من آية في كتاب الله ترغبُ في التعلم وتحثُ عليه وترتب عليه الأجور العظيمة.

انظر كيف رفع الله شأن العلماء، كما في قوله سبحانه: (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )،وكما في قوله جل وعلا: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ).
وبواسطة العلم نحصل خشية رب العالمين  التي يدخل بها الإنسان جنة الخلد، قال تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء ) ،وقال جل وعلا: (أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك لمن خشي ربه )، فالخشية سبب من أسباب  دخول الجنة وعلو المنزلة فيها.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم مرغباً في طلب العلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة ).
 ويقول صلى الله عليه وسلم: (من خرج يطلب علماً فهو في سبيل الله حتى يرجع ).

انظر إلى ثواب العالم لا ينقطع مع مرور الأيام، لا ينقطع بموت العالم وإنما يبقى بعده سنين عديدة ودهوراً كثيرة وأيام  متعاقبة ، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث :صدقة جارية أو علم ينتفع به  أو ولد صالح يدعوا له ).

ولذلك ينبغي أن نحرص على تعلم العلم وأن نتعرف على أسباب تحصيل العلوم  لنكون بذلك ممن تقرب  إلى الله بهذه العبادة العظيمة( عبادة تعلم العلم).

*فأول ذلك: أن يحرص الإنسان على دعاء رب العزة والجلال  أن يفهمه ويعلمه( يـــــارب فهمني وعلمني اللهم إني أسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين و الملائكة المقربين )، كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه أن يرزقه العلم النافع ،وأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يدعوا بتحصيل فقال سبحانه:
        ( وقل ربي زدني علما ).                                                   

*والوسيلة الثانية من وسائل تحصيل العلم:
حسن اختيار المعلم الناصح الشفيق الذي لديه خبرة وعلم ومعرفة فإن المعلم الناجح بإذن الله يتمكن من نقل العلم الذي لديه إلى من تعلم على يديه  ويتمكن بإذن الله من جعل الطالب يحصل ما ينفعه من العلوم في دنياه وآخرته.

*والأمر الثالث :إحسان النية؛ فإن العلم الشرعي عبادة وقربة..
ومن هنا فلا ينبغي (بل يحرم )على الإنسان أن ينوي بطلب العلم غير وجه الله والدار الآخرة ، فلا يقصد بالعلم   مجاراة الناس أو مماراتهم أو أن يكون متمكن من المجادلة ومن المناقشة في المجالس ونحوها ،وإنما ينوي بطلب العلم التقرب لله عز وجل، فإن الله قد أمره بطلب العلم ،وينوي بطلب العلم  أن يكون سبب خير وهدى للناس فترتفع درجته في جنة الخلد.


*ومن الأسباب التي تعين على تعلم العلوم: أن يتدرج الإنسان في العلم، فلا ينتقل إلى كبار العلم حتى يعلم صغارها، فإن الله جل وعلا قال: (وكونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون).

والربانيون هم: الذين يعلمون الناس صغار العلم قبل كباره.

*ومن وسائل التعلم أيضا: أن يكون عند الإنسان قدرة على المقارنة بين ما يأخذ من المعلومات ،فيعرف الفرق بين هذه المسالة وتلك، ويعرف الفرق بين هذا القول وذاك القول، ويحرر محل النزاع في المسائل التي يدرسها.


* وكذلك من أكبر أسباب تحصيل العلوم: أن يحرص الإنسان على الأصول الشرعية
(الكتاب والسنة ) فيحفظ كتاب الله ويحرص على حفظ ما استطاع من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛لأن هذه الأصول هي الأساس الذي تبنى عليه العلوم.

*ومن أسباب تحصيل العلم أيضا: التقوى بفعل الطاعات واجتناب السيئات، فإن الله تعالى قال: (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدىً للمتقين ).

فالذين يهتدون بالكتاب هم أهل التقوى ،وقال جل وعلا: (يأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل
لكم فرقاناً )، فمن اتقى الله حصّل الفرقان الذي يميز به بين الحق والباطل الذي هو نتيجة العلم ، ويقول تعالى: (واتقوا الله ويعلمكم الله )

*ومن أسباب تحصيل العلم أيضا: أن يكون المرء موقراً لمعلمه عارفاً بمكانته ومنزلته.

وينبغي بنا أن نتذكر ذلك الحديث الذي أقدم فيه ثلاثة على النبي صلى الله عليه وسلم فجلس أحدهم في الحلقة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (أما الأول فآوى إلى الله فآواه  الله) ، وأما الثاني فجلس خلف الحلقة فقال النبي صلى الله عليه وسلم عنه  : ( استحيَ  فاستحيَ الله منه )،وأما الثالث فخرج من المسجد فقال صلى الله عليه وسلم : (وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه ) .

أذكر في ختام حديثي هذا عدداً من النصوص النبوية:

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته و
أهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير )


ويقول صلى الله عليه وسلم: (إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً ًبما يصنع)

ويقول: (إن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء)

ويقول: (فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم وكفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، فإن العلماء ورثة الأنبياء فإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بنصيب وافر )

ومن هنا فإنني أحثُ إخواني على تعلم العلم والاستفادة من الوسائل الحديثة،  سواء في القنوات التلفزيونية ، أو في وسائل التعليم عن بعد كالجامعات التي تؤلف ليتعلم الناس من علومها وهم في مساكنهم .


اللهم ارزقنا علما نافعا، اللهم إنا نعوذ بك من علم لا ينفع، اللهم اجعلنا ممن طبق العلم وعمل به، برحمتك يا أرحم الرحمين..

هذا والله أعلم.


وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.




0 أضف تعليق:

إرسال تعليق

أخي الزائر/أختي الزائرة:
قبل أن تكتب تعليقك ،تذكر قول الله تعالى :

{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية(18)

.๑. (النور جل جلاله) .๑.

لماكان النور من أسمائه سبحانه وصفاته كان دينه نورا،ورسوله نورا،وكلامه نورا، ودار كرامته لعباده نورايتلألأ،والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين،ويجري على ألسنتهم،ويظهر على وجوههم،ويتم تبارك وتعالى عليهم هذا النور يوم القيامة