الثلاثاء، 12 يوليو 2011

"صيفنا إنجاز"



فمن أيّ المراتب أنت ؟

لماذا تفرح بالإجازة ؟
وبأي شيءٍ تنوي استغلالها ؟
هل لك برنامج معين في الإجازة ؟
إجابات هذه الأسئلة وغيرها تتفاوت وتتغاير بحسب توجه الشخص وميوله وطاقته وهمته ،
((وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ))
 وكلّ إناءٍ بما فيه ينضح .
 فالناس في الإجازة على ثلاثة مراتب ، فمنهم الظالم لنفسه ومنهم المقتصد ومنهم السابق بالخيرات ،

فأما القسم الأول فنفوسهم إلى كلّ ما يُغضب الله منشرحة وإلى الطاعات والقربات متثاقلة يبارزون الله بشتى أنواع المعاصي ، منهم من قد أعدّ العدة وهبّ إلى ساحات الخنا والفسوق وإلى ديار الكفر والفجور ، ومنهم من تسكع بالشوارع والأسواق فجعل همّه وغايته أذية عباد الله وانتهاك أعراضهم ، جند بالنهار ركبان بالليل همم عالية وطموحات دونها الثريا ولكن ليست في مرضاة الله ولا في سبيله .

وأما القسم الثاني فهم الذين اكتفوا بالفرائض واجتنبوا كثيراً من المعاصي ، ليس لهم طموح ولا هدف واضح ولا همّة في الزيادة والاستزادة من نوافل العبادات
 والطاعات ، مكثرون من المباحات وقد يشتغلون بتوافه الأمور ، فالوقت والصحة لا يعنيان لهم شيئاً ويفرحون بالإجازة لأجل النوم والراحة والدعة .

وأما القسم الثالث فهم أعلى المراتب وأفضلها وأهلها من الأتقياء الأنقياء الأصفياء هم خاصة الله وأحباءه لا يرضون بالدنية ولا بالقليل من الأعمال همم تُناطح القمم عرفوا الوقت وثمّنوه فلكلّ دقيقة منه لها شأن عندهم ، استنشقوا بقلوبهم عبق سير أسلافهم فشحذوا بها الهمم وتنافسوا .
فيا تُرى ما هي أحوال أسلافهم مع الوقت ؟
 وكيف كانوا يقضونه ؟
 وما هي نضرتهم للفراغ ؟


نصوص وآثار مهمة :


قال الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ (

ويقول أيضا ( لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن خمس، وذكر منها: وعن عمره فيما أفناه )
ويقول عليه أفضل الصلاة والتسليم ( اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وغناك قبل فقرك وحياتك قبل موتك (

وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : ( إني لأكره أن أرى أحدكم سبهللا لا في عمل دنيا ولا في عمل آخرة)

وقال الحسن البصري رحمه الله تعالى : (أدركت أقواما كان أحدهم اشح على وقته منه على درهمه )

يقول ابن مسعود رضي الله عنه : إني لأكره أن أرى الرجل فارغا ، لا في عمل الدنيا ، ولا في عمل الآخرة .
كان ابن الجوزي رحمه الله من شدة حرصه على الوقت يجعل بريَ الأقلام في أوقات مجالسة من يزوره ، وقد أوصى يوماً ابنه فقال :واعلم يا بني أنّ الأيام تبسط ساعات ، والساعات تبسط أنفاساً ، وكل نَفَسٍ خِزانة ، فاحذر أن يذهب نَفَسٌ بغير شيء ، فتَرى في القيامةِ خزانةً فارغة فتندم .
والوقتُ أنفسُ ما عُنيتَ بحفظه " " " وأراه أسهل ما عليك يضيع

قال الحسن البصري رحمه الله : أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشدّ منكم على دراهمكم ودنانيركم.
عامر بن عبد قيس – أحد التابعين – قال له رجل مرة : كلّمني . فقال له : أمسك الشمس ! وما ذلك إلا ليشعره بقيمة الوقت.
قال موسى بن إسماعيل : لو قلت لكم إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكا قط صدقتكم ، كان مشغولا بنفسه ؛ إما أن يُحدِّث ، وإما أن يقرأ ، وإما أن يسبح ، وإما أن يصلي .
 كان قد قسم النهار على هذه الأعمال  
فماذا عسانا أن نقول نحن بعد هذا وفينا من يتفنّن في تضييع الأوقات بتوافه الأمور والأشياء ، بل
 وبما يُغضب الله ، والله يقول : (( فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ  وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ)).
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : أي إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها وقطعت علائقها فانصب إلى العبادة وقم إليها نشيطا فارغ البال وأخلص لربك النية والرغبة.

وقال صلى الله عليه وسلم : ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة ، والفراغ ) . رواه البخاري.


عضو لا يعرف الإجازة!
هل تعلم أن لديك عضو في جسدك لا يأخذ إجازة ؟!
نعم لا يأخذ إجازة ولو أخذ إجازة لأقل من ثانية قد تموت كل أعضاء الجسد لأن به حياة الجسم كله فهو عضو نابض تحيا بنبضه كل الأعضاء..
ومن أئمتنا من لا يعرف الإجازة وليست واردة في مفكرتهم ولا قاموسهم ولا دواوينهم حتى قال الإمام أحمد رحمه الله مع المحبرة حتى المقبرة فالمحبرة لا تنفك عنه لا صيفا ولا شتاءً ولا غيره.
وذكر عند الإمام الطبري رحمه الله وهو يحتضر حديثاً لا يعرفه فقام وكتبه حتى في مثل هذا الوقت..!!

ختاما:
إن المؤمن كيس فطن حريص على ما ينفعه، فلا تكن أخي القارئ سلبيا مع نفسك ومع الآخرين ، فالمؤمن القوي المتسلح بسلاح العلم والعمل والمعرفة خير من المؤمن الضعيف الخامل.

صيد الفوائد




1 أضف تعليق:

جمالُ الروح يقول...

مقالٌ رائع

سدد الله الخطى..

إرسال تعليق

أخي الزائر/أختي الزائرة:
قبل أن تكتب تعليقك ،تذكر قول الله تعالى :

{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية(18)

.๑. (النور جل جلاله) .๑.

لماكان النور من أسمائه سبحانه وصفاته كان دينه نورا،ورسوله نورا،وكلامه نورا، ودار كرامته لعباده نورايتلألأ،والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين،ويجري على ألسنتهم،ويظهر على وجوههم،ويتم تبارك وتعالى عليهم هذا النور يوم القيامة