الثلاثاء، 4 يناير 2011

قلوب الصائمين " الحيـــــــــــــــــــاء "



بسم الله الرحمن الرحيم


قلوب الصائمين


الحيـــــــــــــــــــاء

الحمد لله لا يستحيي من بيان الحق وتوضيحه )إنَّ اللهَ لا يَستَحيِي أنْ يَضرِبَ
 مَثَلا ًمَا بَعُوضَة ً فَمَا فَوقَهَا(
..والصلاة والسلام على أشرف أنبياءه ورسوله..

أما بعــــــــــــد...
إن قلوب المؤمنين تتصف بصفة الحيـــاء .. فهي تستحي من الله ،
 وتستحي من عباد الله ..
والصــوم من الأعمال الصالحة التي تزيد من وجود الحيـــاء في القلوب ، 
وبالحيـــاء يعظم أجر الصائم ويكثر ثوابه .

الحيــــاء صفة تدفع إلى الإعراض عن القبيح ترفّعا ًعنه ، 
الحيـــاء مشتق من الحياة ، فإن القلب الحي يكون صاحبه حيّا ،
 فيه حياء ٌ يمنعه عن القبائح ، فإن حياة القلوب هي المانعة من القبائح
 التي تُفسد القلب ، إذ إنّ الحي يدفع ما يؤذيه بخلاف الميت الذي لا حياة فيه
 فإنه يُسمى وقحا ، والوقاحة الصلابة وهو اليبس المخالط لرطوبة الحيـــاء ،
 فإذا كان وقحا ًيابسا ًصليب الوجه
 لم يكن في قلبه حياء توجب حياءه وامتناعه من القبيح .

الحيـــــــــاء مادّة حياة القلب .. وهو أصل كل خير،
 وذهاب الحياء ذهاب الخير أجمع ، إن الذنوب تُضعف الحيـــاء عند العبد
 حتى ربما انسلخ من الحيـــاء بالكليّة بسبب الذنوب ،
 بحيث لا يتأثر بعلم الناس بسوء حاله ..

من استحيى من الله عند معصيته .. استحيى الله من عقوبته يوم لقاه ..
 خلق الحيـــاء من أفضل الأخلاق وأجلّها وأعظمها قدرا وأكثرها نفعا ،
 بل إن خلق الحيـــاء هو خاصيّة الإنسانية ، فمن لا حياء فيه ليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم .

ولولا خُلُقُ الحيـــاء الفاضل .. لم يكرم الضيف ولم يوفى بالوعد 
ولم تؤدّى أمانة ،
 ولم تُقضى لأحد حاجة ، ولا تحرّى الرجل الجميل فآثره ، ولا ستر لغيره عورة ، ولا امتنع من فاحشة .
كثير من الناس لولا الحيـــــــاء لم يؤدٍّ شيئا ً من الأمور المفترضة عليه ،
 ولم يرعَ لمخلوق حقّا ، ولم يصل رحما ًولا بر والدا ،
 لأن الباعث على هذه الأمور إما أن يكون دينيًا وهو رجاء
عاقبتها الحميدة في الآخرة ، وإما أن يكون دنيويا ًعلويا وهو حيــاء
. فاعلها من الخلق ، فلولاالحيـــاء إما من الخالق أو من الخلائق لم يفعل صاحبها تلك الفضائل ..

إن الحيــــاء نور في قلب العبد .. يجعله ذلك الخلق يرى أنه واقف بين يدي ربّه ،
 فيستحي من الله في خلواته فضلا ًعن غيرها ، جاء في الصحيحين أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال :{ إن مما ورث الناس من كلام النبوّة الأولى
 إذا لم تستحي ..فاصنع ما شئت } .

ومما يبعث على الحيـــاء .. أن الله عزّ وجل يحب الحيـــاء ويأمر به ،
 ففي الصحيحين يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
{الحيـــــــاء شعبـــة من الإيمــــان } ، وفيهما {الحيـــــاء خير كله..

ومما يدفع إلى الحيــاء .. أن يعلم العبد أن أنبياء الله عليهم السلام
 يتصفون بصفة الحيـــاء ، ففي الصحيح أن موسى عليه السلام
 كان حييّا ًستّيرا
 لا يُرى من جلده شيء استحياءً من الله ، وفي الصحيحين
 [ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدّ حيـــاءً من العذراء في خدرها ]
يعني المرأة غير المتزوجة أو في ليلة زواجها في خدرها
فإنه يكون في قلبها من الحياء ما الله به عليم ..
 وقال النبي صلى الله عليه وسلم
 عن عثمان رضي الله عنه : { ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة } 
وقال أنس :{ كان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحيـــــــاء}

من الأمــور الدافــــعـة إلى أن يتخلّق الإنسان بخلق الحيــــاء ..
 أن يرى العبد كثرة نعم الله عليه مع تقصيره في جناب ربّه ،
 فإذا قارن العبد بين نعم الله وبين تقصيره توّلد من ذلك الحيــــــاء من الله . 

إن من أسباب وجود الحيــــــــاء في قلوب المؤمنين ..
 أن يستشعر العبد اطلاع الله عليه بحيث يجعله ذلك يستحيي من ربه ،
 فإن العبد متى علم أن الربّ جل وعلا ينظر إليه ويطّلع على جميع شأنه
 أورثه ذلك الحيـــــاء من الله .

إن شدّة محبة العبد لربه تجعله يستحيي من الله ..
 إذ إن نفس المؤمن لا تُطاوعه على إلقاء
 جلباب الحيـــــاء عند محبوبه جلّ وعلا .

ومن الأمور الدافــــعـة إلى التخلق بخلق الحيــــــــاء ..
 كثرة المنافع والفوائد التي يجلبهاالحيـــاء ، ففي الصحيحين من حديث
عمران ابن حصين رضي الله عنهما يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
{الحيـــاء لا يأتي إلا بخير } وفي السنن
 { ما كان الحيـــــاء في شيء قط إلا زانه.

الحيــــــاء يجعل النفس تتحمل أعباء الطاعات ..
الحيـــــاء يُبعد العبد عن معاصي الله ..
الحيـــــــاء يكفّ النفس عن كل ما يشين ويقدح .. 
الحيـــــــاء يُلبس العبد ثوب الوقار وثياب المروءة ..

قد يقترن بالكبيرة من الحيــــــــاء من الله والخوف منه سبحانه والاستعظام
 لذلك الذنب ما يُلحق تلك الكبيرة بالصغائر ،
 وقد يقترن بالصغيرة من قلّة الحيــــاء ما يلحقها بالكبائر ،
 بل قد يجعلها في أشنع رُتَبِهَا اعتبارا ًبما في القلب ،
 جاء في الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
{ استحيوا من الله حق الحيــــــاء ..فقالوا : يا رسول الله إنّا نستحيي والحمد لله .
قال : ليس ذاك ، ولكن الاستحياء من الله حق الحيــــاء 
أن تحفظ الرأس وما وعى
 والبطن وما حوا ولتذكر الموت والبِلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ،
 فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحيـــــاء } ،
وروى احمد في الزهد أن رجلا ًقال للنبي صلى الله عليه وسلم 
{ أوصني . قال أوصيك أن تستحيا من الله
 كما تستحيي رجلا ًمن صالح قومك } ،
قال عبيد ابن عُمير : [آثر الحيـــــــــاء من الله على الحياء من الناس ] ..

الذنوب تُضعف الحيـــــــــــاء من العبد ،
 حتى ربما انسلخ من الحيـــــــاء بالكليّة ،
 حتى ربما لا يتأثر بعلم الناس بسوء حاله ، ولا باطلاعهم عليه ،
 إن بين الذنوب وبين قلّة الحيـــاءوعدم الغيرة تلازما ًعجيبا ًمن الطرفين
 وكلٌ منهما يستدعي الآخر ويطلبه ..من استحيى من الله عند معصيته ،
 استحيى الله من عقوبته يوم يلقاه .

إن من الحيــــــــــاء نصيحة الخلق ..
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن حياءك من الله أعظم من خوفك
 من خلقه ،
 ترك ذلك عجز وخَوَر ليس من الحيـــاء المشروع في شيء .

ومن الحيـــاء أن تستحيّ أن تطلب غير مولاك ،
 وأن تعرض حوائجك على أحد سواه ، قال عمر رضي الله عنه :
[ من قلّ حياءه قلّ ورعه ، ومن قلّ ورعه مات قلبه ] ،
 وقالت عائشة رضي الله عنها :
[ خلال المكارم عشر تكون في الرجل ولا تكون في ولده ، وتكون في العبد
 ولا تكون في سيّده يجعلها إليه حيث يشاء :

أولها : صـدق الحديث ، وثانيها : صدق البأس ، وثالثها المكافأة بالصنائع ،
 ورابعها : حفظ الأمانة ، وخامسها : صلة الرحم ، وسادسها : تذمم للجار 
، وسابعها : التذمم للصاحب ، وثامنها : إعطاء السائل ،
 وتاسعها : إقراء الضيف،
وعاشرهن قالت : ورأسهنَّ الحيـــــــــــاء]، وقال أبو أيوب الأنصاري :
 [ أربع من سنن المرسلين.. التعطر والنكاح والسواك والحيـــاء].. 

أسأل الله جل وعلا أن يوفقنا وإيّاكم لخيري الدنيا والآخرة ..
 وأن يجعلنا وإيّاكم من أهلالحيــــــــــــاء ,


 اللهم أنشر الحيـــــــــــاء في أمة نبيك ..


هذا والله أعلم ....
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ....



1 أضف تعليق:

Eman يقول...

بارك الله في جهودكن ورزقكن الفردوس الاعلى

إرسال تعليق

أخي الزائر/أختي الزائرة:
قبل أن تكتب تعليقك ،تذكر قول الله تعالى :

{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية(18)

.๑. (النور جل جلاله) .๑.

لماكان النور من أسمائه سبحانه وصفاته كان دينه نورا،ورسوله نورا،وكلامه نورا، ودار كرامته لعباده نورايتلألأ،والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين،ويجري على ألسنتهم،ويظهر على وجوههم،ويتم تبارك وتعالى عليهم هذا النور يوم القيامة