الثلاثاء، 11 يناير 2011

رحلة إلى بلاد الأشواق "2"



   بسم الله الرحمن الرحيم  
 
رحلة إلى بلاد الأشواق "2"
 
خالد ابن عبد الرحمن الشايع




الحمد الله رب العالمين .. صلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
أما بعـــــــــــــد ....

لازلت أوطئ بعون الله تعالى للحديث عن الجنة ونعيمها ,
 بذكر شيء مما يتعلق بها من المسائل الكلية , وكنت قد بحثت من قبل بمسألة
 وهي أن الجنة مخلوقة وموجودة الأن , وفي هذه الحلقة أذكر مسألة ثانية :


وهي مكـــــان الجنة ..وأين هي .. إضافة إلى بيان سعة الجنة وعظمها ..
في هذه المسألة "مكان الجنة وأين هي " :
توقف عن الجزم فيها عدد من أهل العلم لعدم صراحة الأدلة لديهم في تجليتها ,
 وقد بحث العلامة ابن القيم رحمه الله ونص على أن الجنة في غاية العلو والارتفاع ,
 ومن كلامه في ذلك :
{ قال الله تعالى (( ولقد رآه نزلة ًأخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ))
 وقد ثبت أن سدرة المنتهى فوق السماء ,
 وسميت بذلك لأنها ينتهي إليها ما ينزل من عند الله جلّ وعلا فيُقبض منها ,
 وما يصعد إليه فيُقبض منها , قال الله تعالى (( وفي السماء رزقكم وما توعدون))
 وقد فسّر بعض أهل العلم قوله تعالى (وفي السماء رزقكم ) بأنه المطر ,
 وقوله ( وما توعدون ) بأنه الجنة . وثبت في الصحيحين
عن أبي هريرة رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
 [ إنّ في الجنة مئة درجة .. ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ..
أعدّها الله للمجاهدين في سبيله ] قال وهذا يدل على أنها في غاية العلو والارتفاع ..

ثم قال العلامة ابن القيم
:{ والجنة مقببة ..أعلاها أوسعها ..
 ووسطها هو الفردوس وسقف العرش ,
 كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :
 إذا سألتم الله فسألوه الفردوس , فإنه وسط الجنة وأهل الجنة
 وفوقه عرش الرحمن , ومنه تُفجّر أنهار الجنة }.. رواه البخاري والله أعلم.

سعة الجنة وعظمها :
والمسألة الثانية هي أن الجنة في سعتها وعظمها فوق ما يتصوّره المرء
 أو يخطر في خياله , ومن الأدلة على ذلك قول الحق تبارك وتعالى 
(( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدّت للمتقين )) ..

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله 
:{ قد قيل أن معنى قوله تعالى
 (عرضها السماوات والأرض ) تنبيه عن اتساع طولها ,
 كما قال في صفة فرش الجنة ( بطائنها من إستبرق ) أي فما ظنّك في الظهائر,
 وقيل بل عرضها كطولها لأنها قبــــــة تحــت العـرش ,
 والشيء المقبب والمستدير عرضه كطوله ..
وقد دلّ على ذلك ما ثبت في الصحيح : { إذا سألتم الله الجنة فسألوه الفردوس ,
 فإنه أعلى الجنة , وأوسط الجنة , ومنه تُفجّر أنهار الجنة ,
 وسقفها عرش الرحمن } وهذه الآية كقوله تعالى في سورة الحديد
 (( وسابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض )) .

وثبت في المسند أن هرقل كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم
 
{ إنك دعوتني إلى جنة عرضها السماوات والأرض فأين النار ؟؟
 فقال النبي صلى الله عليه وسلم : سبحان الله !! فأين الليل إذا جاء النهار ؟!! }
قال ابن كثير إسناده لا بأس به ..ثم قال : وهذا يحتمل معنيين :
أحدهما أن يكون المعنى في ذلك أنه لا يلزم من عدم مشاهدة
مالليل إذا جاء النهار أن لا يكون في مكان وإن كنا لا نعلمه ,
وكذلك النار تكون حيث يشاء الله عز وجل ..

الثانية :
 أن يكون المعنى أن النهار إذا تغشّى وجه العالم من هذا الجانب ,
 فإن الليل يكون من الجانب الآخر , فكذلك الجنة في أعلى عليين ,
 فوق السماوات تحت العرش , وعرضها كما قال الله عز وجل
( كعرض السماء والأرض) ..
والنار في أسفل سافلين .. فلا تنافي بين كونها كعرض السماء والأرض
 وبين وجود النار.. انتهى المقصود من كلام الحافظ ابن كثير ,
 وقد رجح رحمه الله المعنى الأول .
وفي هذا السياق أيضا .. يقول العلامة ابن القيم رحمه الله:
{ ولعظم سعة الجنة وغاية ارتفاعها يكون الصعود من أدناها إلى أعلاها
بالتدرّج شيئا ًفشيئا , درجة فوق درجة , كما يقال لقارئ القرءان :
 اقرأ وأرقى ورتّل كما كنت ترتل في الدنيا , فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها }
 رواه ابن داوود والترمذي وابن ماجه وأحمد في المسند .

وهذا يحتمل شيئين : أن تكون منزلته عند آخر حفظه ,
 أو أن تكون منزلته عند تلاوته لمحفوظه .. والله أعلم .
وبعــــد ...فذلك مكان الجنة في أعلى عليين , وذلكم سعتها وعظمها ,
 وما أعدّ الله تعالى فيها من النعيم المقيم ..

أسأل الله تعالى أن يقرّ عيني وأعينكم برؤية هذا النعيم ..
 وأعظمه رؤية وجه ربنا الكريم جل وعلا .. ويشمل في ذلك والينا
 وإخواننا المسلمين .. إنه سبحانه برٌ رحيــــــــــم ..

وصلى الله وسلم على نبينا محمد ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. 






0 أضف تعليق:

إرسال تعليق

أخي الزائر/أختي الزائرة:
قبل أن تكتب تعليقك ،تذكر قول الله تعالى :

{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية(18)

.๑. (النور جل جلاله) .๑.

لماكان النور من أسمائه سبحانه وصفاته كان دينه نورا،ورسوله نورا،وكلامه نورا، ودار كرامته لعباده نورايتلألأ،والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين،ويجري على ألسنتهم،ويظهر على وجوههم،ويتم تبارك وتعالى عليهم هذا النور يوم القيامة