الجمعة، 9 ديسمبر 2011

إنــعــامــــه عــزّ وجــلّ


بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة برنامج ذكرى

إنــعــامــــه عــزّ وجــلّ

لولا الخالق لم يكن المخلوق شيئًا مذكورًا ، ولولا الرازق لم يملك المرزوق فتيلاً ولا نقيرا .. وكم من نعمة قد أنعم الله بها علينا ، وكم من حسنة قد ساقها الله إلينا ..عافانا في أدياننا من الكفـر ، وفي أبداننا من الضـر .. فبأي شكر نقابل نعمه علينا، وبأي جزاء نكافئ إحسانه إلينا ...

لو طرحنا هذا السؤال بين أيدينا : من هو الذي وفقنا ؟ من هو الذي أعاننا ؟ من هو الذي يسَّرَ لنا ؟ من هو الذي أعطانا ؟ من هو الذي خلقنا بعد أن كنا عدمـًا ؟ باختصار من أين لنا هذه النعم التي نعيشها جميعـًا ؟

إنه ربُّنا سبحانه وتعالى ، إنه ربُّنا المنعم ، إنه ربُّنا البـرّ الواسع في عطائه ، إنه ربُّنا اللطيف الذي يعطينا من وجه ظاهر ومن وجه خفي ، إنه ربُّنا الرحمن الذي أعطانا ونحن في بطون أمهاتنا ، إنه الله سبحانه وتعالى الذي يعطينا على عظم تقصيرنا ؛ إنه ربُّنا عزّ وجلّ المنعم ..

والعباد عليهم أن يتعرفوا على نعم الله ليشكروه عليها .. عليهم أن يتعرفوا على نعم الله ليزدادوا له حبًّا.. لا يتم جلب نفع ولا دفع ضـرٍّ إلّا بالله ..

إنها نعم تتـرا تستوجب شكرًا ، ولذلك ينبغي للمؤمن أن يستحضر هذه النعم (( وَمَا بِكُمْ مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ {53} النحل)) ولذلك كان الأولى بالإنسان أن يتجه إلى شكر المنعم سبحانه وتعالى ، وأن يعرف إنعامه على خلقه حق المعرفة حتى يعرف قدر الله تبارك وتعالى ويقدِّره حق تقديره ويعظِّمه حق تعظيمه ..
إلهي أيُّ نِعَمِكَ أُحصي عددًا .. وأي عطاءك أقوم بشكره .. ما أسبغت علي من النعماء أو ما صرفت عني من الضراء ؟؟ إلهي أشهد لك بما شهد لك به باطني وظاهري وأركاني وجوارحي ..

لو حاول الخلق فعلاً محاولة جادة أن يحصوا نعم الله عزّ وجلّ عليهم هل سيستطيعون ؟ لن يستطيعوا ذلك ، والله سبحانه وتعالى أشار إليهم أعطاهم هذه الحقيقة((وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ {18} النحل)) .

لا تحصوها , لا يمكنكم أن تحصروا نعم الله تبارك وتعالى في عدد ما ، أن تحصروا نعم الله تبارك وتعالى بعدِّها فإن ذلك فوق طاقتكم تعجزون عن ذلك بخفاء بعض هذه النعم ولكثرة هذه النعم فإنكم لا تستطيعون أن تعدوا هذه النعم ((وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا{18} النحل))..

فنعم الله عزّ وجلّ لا تحصى فضلاً عن أن تُشكَر وهذا كله يدلّ على عظمة الله وعلى واسـع فضله علينا وعلى كبير إنعامه بنا سبحانه وتعالى .. ولذلك يجب علينا أن نعود إلى الله وأن نتذكر نعمه وأن نشكره عليها ونحن مقصِّرون , ولذلك ختم الله الآية بقوله (( إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ {18} النحل))

فالغافلون عن شكر النعمة المقصرون في ذلك القاصرون عن إحصائها العاجزون عن شكرها يغفر الله لهم إذا اجتهدوا بما يستطيعون ..

ولذلك كان من أذكار الصباح التي يرددها المؤمنون فيما رواه أصحاب السنن عن حديث عبدالله ابن غنام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من قال حين يصبح اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك } إنه إقرار بأن جميع النعم الواصلة إلى كل إنسان وكل خلق من خلق الله تعالى : النملة في جحرها ، والسمك في أعماق البحار ، والجنين في بطن أمه ؛ كل هذه النعم من الله وحده لا شريك له ..
وإذا كان هذا الإنعام بهذا القدر وبهذا الثقل فإن نِعَمَ الله تبارك وتعالى كثيرة عظيمة متشعبة في حياة الإنسان ، أنّـى للإنسان أن يقف عليها ، ولكن حسبك يا عبد الله إزاء هذه النعم وحيالها أن تصبح تائـبـًا مستغفـرًا منكسرًا بين يديه سبحانه وتعالى .. شاكرًا أنعمه عليك فإن هذا ما تقابل به هذه النعم العظيمة ..

إنها نِعَمٌ تترا على العباد والله تعالى يذكّر عباده بالنعم حتى في ذلك الموقف العظيم الذي يخرج فيه الناس حفاة عراة غـرلًا إذا لقوا الله تعالى ذكّرهم نعمه , ولذلك جاء في الصحيح من حديث أبي هــريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { يخلو الله تعالى بعبده فيقول له : ألم أربعك ؟ ألم أرأسك ؟ ألم أزوجك ؟ ألم .. ، ألم ..،} يذكّره بالنعم الموجبة للشكر فمع ما كنت تظن أنك ملاقيه فيقول لا يا رب فيساق إلى النار..
ونعم الله ظاهرة وباطنة ، أشياء يراها كل أحد وأخرى لا يحس بها كثير من الناس (( وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ الْنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ{20} لقمان)).

قيل النعمة الظاهرة الإسلام ، والنعمة الباطنة كل ما يستره الله علينا من الذنوب والعيوب..
وقيل النعمة الظاهرة الصحة وكمال الخلق ، والنعمة الباطنة المعرفة والعقل ..
وقيل النعمة الظاهرة نعم الدنيا ، والباطنة نعم العقبى ..

وقيل الظاهرة ما يرى بالأبصار من المال والجاه والجمال في الناس والتوفيق بالطاعة ، والباطنة ما يجده المرء في نفسه من لذة الأُنس بالله والعلم به واليقين به تعالى ..

واللفظ عام يشمل كل هذه الأشياء والنعم سواء كانت حصول منافع أو دفع مضار ، سواء كانت نِعم دينية كإرسال الرسل وإنزال الكتب وإزاحة الشُّبه وستر العيوب والذنوب ، أو كانت نعم دنيوية كالصحة والمال والولد والمسكن والمنصب فإنها كلها من الله ..
وهنا على الإنسان أن يدرك ونحن نتحدّث عن نعمة الله سبحانه وتعالى أنّ نعمة الله عزّ وجلّ أشـمل مما تتصور.. ليست نعمة الله عزّ وجلّ هي الأشياء الحسية فقط , فبعض الناس يطلب من ربه أن ينعم عليه لكن يتصور أن نعمة الله عزّ وجلّ هي مالٌ ينزله الله أو جاه يعطيه الله عزّ وجلّ إياه ، لا، نعمة الله أوسع من ذلك ، هناك عشرات .. مئات ولا أبالغ إذا قلت ملايين النعم أنت لا تستحضرها ولا تعرف تفاصيلها , ولكن لأن الله عزّ وجلّ بـرٌّ بك ولطيف معك يعطيك مثل هذه النعم ..

يا من له النعم الغزار على الخلائق ليس تحصى
هــب لــي رضــاك فــيــهــا مــدى أمــلــي وأقــصــى

إنَّ من أعظم ما يجب أن يقوم بقلب العبد هو مشاهدة المنّة ، ما مشاهدة المنّة ؟؟ أن يستحضر الإنسان منّة الله عزّ وجلّ عليه .. هل تذكرون قول النبي صلى الله عليه وسلم :{ أفلا أكون عبدًا شكورًا ؟} لماذا ؟ لأنه استحضر منّة الله عزّ وجلّ عليه , هل تذكرون قول الله عزّ وجلّ وهو يمتن على النبي صلى الله عليه وسلم يذكّره بنعمه عليه (( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى {6} وَوَجَدَكَ ضَالًا فَهَدَى {7} الضحى )) كنت يا محمد ضالًا فهداك الله ، كنت في مجتمع يعبد الأصنام ، يطوف حول البيت عراة ، من الذي يسّر لك ؟ من الذي حفظك حتى قبل النبوة ؟ إلّا ربك سبحانه وتعالى (( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ {9} وَأَمَّا اْلسَائِلَ فَلَا تَنْهَرْ {10} وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ{11} الضحى))..

الله عزّ وجلّ يقول عن موسى عليه السلام (( وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى{37} طه )) ، (( وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ {114} الصافات)) ويقول يوسف عليه السلام ولقد استحضر منّة الله عزّ وجلّ عليه (( قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنَا {90} يوسف)) فشاهدوا منّة الله تعالى وما نسوها ، وهي صيحة أهل الإيمان (( وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ {25} قَالُواْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ {26} فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ الْسَّمُومِ {27} الطور)) إنهم يشاهدون منّة الله عزّ وجلّ عليهم وهم الذين كانوا يصيحون مع النبي صلى الله عليه وسلم يرتجزون وهم يحفرون الخندق ( والله لولا الله ما اهتدينا وما تصدقنا وما صلينا )..

وهي صيحتهم عندما يُعاينون جنات النعيم يوم القيامة , ذاك النعيم الذي كانوا يسمعون عنه في الدنيا (( وَقَاُلواْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللهُ {43} الأعراف))..

قال أبو سليمان الداراني رحمه الله :{ إني لأخرج من منزلي فما يقع بصري على شيء إلا رأيت لله عليَّ فيه نعمة أو لي فيه عبرة } , إنه حسٌّ حي يدرك به الإنسان ألوان النعم وصنوفها ، يغور في بواطن الأشياء وينتقل من الظواهر إلى ما وراء الظاهـر من نعم الله جلّ وعلا التي ينبهر لها العقل ويندهش لها القلب ويحي بها الفؤاد ويدرك بها الإنسان ألوانــًا من الخير كثيرة .
وعلى العبد أن يرى آثار نعم الله عليه وأن يحذر من نسيان الـنعمة , لأن نسيان النعمة فيها نسيان للمنعم , يقول أبو الدرداء :{ من لا يرى لله عليه فيه نعمة إلّا في مطعمه ومشـربه فقد حضر عذابه وطال همه } .
اليوم كثير من الناس يتأفف يقول يا أخي الغلاء !! نحن في غلاء شديد ، وضعنا صعب ، عندنا كذا وعندنا كذا.. لا يكاد يشاهد أثر النعمة عليه ، لا يعلم أن النظر نعمة جليلة لو ظل يعبد الله إلى أن يموت فقط يؤدي شكر عبادة النظر لا يستطيع ، مستحيل .. التنعم بالماء البارد ، هذه نعمة لذلك قيل للحسن البصري أن فلانـًا  لا يشرب الماء البارد قال : لماذا ؟ قيل : لأنه لا يستطيع أن يشكر الله تعالى عليه ، قال : هو أحمق ومن ذا الذي يستطيع أن يشكر نعم الله تعالى عليه .

لذلك كثير من الناس لا يكاد يعلم أن الله أنعم عليه ويظن أنه أبتلاه وأنه المبتلى الوحيد في هذه الدنيا ويظل يتأفف ، أثر هذا على حياته أثر سيء للغاية.

جاء رجل إلى يونس ابن عبيد فقال له من حاله وضيق عيشه ما رقَّ له يونس لكنه فطن إلى أمر ، فقال له :{ أيسُرُّك ببصرك أن يكون لك مئة ألف ؟ قال الرجل : لا .. قال: أيسُرُّك بسمعك أن يكون لك مئة ألف ؟ قال: لا .. قال: أيسُرُّك بيديك أن يكون لك مئة ألف ؟ قال: لا .. قال: أيسُرُّك بقدميك أن يكون لك مئة ألف ؟ قال : لا .. قال: فمن أين الفاقة وقد ملكت مئينــًا من الألوف } إنها نعم لا تقدر بثمن تلك التي أنعم الله تعالى بها علينا في أنفسنا في أسماعنا وأبصارنا وقوانا ((وَفِي أَنفُسِـــــكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ{21} الذاريات)) .
يا ناسي نعم المولى العظيم ،, ويا غافلاً عن ألطافه الجسيمة ،, أرأيت لو قيل لك بكم تبيع سمعك ؟ ما جوابك ؟ أرأيت لو قيل لك بكم تبيع عينيك ؟ ما جوابك ؟ أرأيت لو قيل لك بكم تبيع يديك ؟ ما جوابك ؟ أرأيت لو قيل لك بكم تبيع رجليك ؟ ما جوابك ؟ ..

 نِعَمٌ ونِعَمٌ ما أغزرها وما أعظم أثرها .. فيا ناسيــًا أذكر نِعَمــًا لا تستطيع إحصاءها ،, أذكر نِعَمــًا لا تعرف أثمانها ، أذكر نِعَمــًا لا تطيق شكرانها ..

الله سبحانه أحيانــًا ينعم عليك بالبلوى .. أنت تتصوّر أنها بلوى وهي نعمة من الله سبحانه وتعالى عليك , كم من مظاهر الشرّ التي ترفضها في البداية فيبعث الله عزّ وجلّ من خلالها الخير لك ..

 وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ عجـبـًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خيـر ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له وليس ذلك لأحد إلّا للمؤمن }

نعم للمؤمن الذي يعرف نعم الله عليه ، يعرف قدر نعمة الله تبارك وتعالى عليه ، فيعلم أن الله تعالى ما يحيط به من شيء وما يقدره عليه من شيء فإنما هو من نعمة الله تعالى , وهذا من إحسان الظن { أنا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي عبدي ما شاء } فمن حسن الظن به تبارك وتعالى أن كل ما يبدر ويأتي منه فهو حَسَن والشر ليس إليك ، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام .
الإنسان بحاجة إلى التـفكير ونحن من واجبنا أن نذكِّر أنفسنا ونذكِّر غيرنا بنعمة الله ولا يقدّر قدر النعمة حقيقة إلّا الله عزّ وجلّ ..

الإنسان يغفل ، الإنسان ينسى ، الإنسان يجهل, يقول بعض السلف نعم الله تعالى على عباده مجهولة فإذا فقدت تـركت , وقد قال بعض السلف إذا أردت أن تعرف نعمة الله تعالى عليك فأغمض عينيك ، إن غمض العين يفقد بني الإنسان الإدراك والبصر فلا يرى ما كان يراه من زاهي الألوان وبديع المناظر وصنوف المرئيات سبب ذلك هو فقد هذه النعمة ..

وقال سلام بن أبي مطيع :[ دخلت على مريض فإذا هو يئن , فقلت له أذكر المطروحين في الطريق ، أذكر الّذين لا مأوى لهم ولا من يخدمهم . ثم دخلت عليه بعد ذلك فلم أسـمعه يئن وجعل يقول : أذكر المطروحين في الطريق ، أذكر من لا مأوى له ولا من يخدمه ] .

فإذا أردت أن تعرف نعمة الله تعالى فقدِّر حالك قد فقدتها وأغمض عينيك لترى عظيم إنعام الله تعالى عليك ، وهذا مصداق ما قاله ذاك حيث قال : نِعَم الله مجهولة فإذا فقدت عرفت ! إنها بسبب الإلف ودوام التكرار والإيناس الذي يجعل الإنسان يباشر هذه النعم ، تُــفـقَـد لذتها ولا يدُرَى نعيمها إلّا بفقدها..
ونسيان النعمة إما أن يكون نسيانـًا لأصلها فيعتادها فيظن بأنها حقٌّ مكتسَب وينسى من أعطاه القدرة وينسى من وهب له هذه الأفضال ، ولذلك يحتاج المرء دائمـًا أن يذكّر نفسه بقدرة الله ونعم الله عليه .. الثاني أن ينسى قدرها فلا يدرك قدرها فلا يشكره عليها ولا ينشط لذلك ، لا يقدِّر النعمة حق قدرها, ولذلك من أعظم النعم أن تستشعر النعمة وأن ترى النعمة , شكر النعم مطلوب ولكن شكـر استشعار النعمة هذا شكر مستقـل .
متى أشـكر الله عزّ وجلّ ؟ متى أتذكر هذه النعم ؟ في الأسبوع مرة واحدة ؟ في الشهر أسـبوعـًا واحدًا ؟ في السنة شهرًا واحدًا ؟

 لا ، لا أبالغ إذا قلت لك في كل لحظة من حياتك تذكَّر فضل الله عزّ وجلّ عليك ..

 تذكر نعمة الله سبحانه وتعالى عليك بلسانك فتتحدّث بها ، وبحالك حتى تسير على ما يـريده الله عزّ وجلّ منك .. تذكّر مع نفسك وأنت تتأمل ، تذكّر مع إخوانك حينما تحدّثهم تذكّرهم ، مهما خسرت مهما حصل لك مهما نقصت مهما حصل لك من الابتلاء فأنت في نعمة عظيمة من ربك سبحانه وتعالى ..

وجب أن تستحضر هذه النعمة ، أن تحثّ إخوانك وأن يحثّوك هم كذلك على هذه النعمة , وربنا سبحانه وتعالى يقول لنا لأن الإنسان معّـرض لهذا النسيان (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ {11} المائدة )) ويقول   (( وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ {103} آل عمران )) لماذا واذكروا ؟ لأن الكثير من خلق الله سينسون فضل الله عزّ وجلّ..

إلهي إنّي لا أطيق إحصاء نعمك فكيف أطيق شكرك عليها وقد قلت وقولك الحق (( وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا{18} النحل)) ..

أم كيف يستغرق شكري نعمك ؟ وشكرك من أعظم النعم عندي وأنت المنعم به علي كما قلت سيدي (( وَمَا بِكُم مِّن نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ {53} النحل)) ، وقد صدقت في قولك إلهي وسيدي وقد بلّغت رسلك بما أنـزلت إليهم من وحيك ..

غير أني أقول بجهدي ومنتهى علمي ومجهود وسعي ومبلغ طاقتي : الحمد لله على جميع إحسانه حمدًا يعدل حمد الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين ..

وحتى تعرف عظيم نعمة الله عزّ وجلّ عليك لك أن تعمل مقارنة بين إنـعام المخلوق على المخلوق وإنـعام الخالق على المخلوق :
الله سبحانه وتعالى حينما ينعم عليك ويعطيك هذا العطاء العظيم لا ينقص من فضله شيء فخزائنه لا تفنى ، بعكس ذاك المخلوق الضعيف مهما كان عنده من المال والجاه والسلطان فإنه حينما يعطيك حتى وإن كان شيئًا قليلًا فإنه سينقص نسبة ولو كانت يسيرة من ما يملكه ..

الله سبحانه وتعالى ينعم عليك حتى في حال معصيتك ، أما المخلوق فلا يمكن أن يعطيك وأنت تعصيه وأنت تخطئ في حقه , ربك سبحانه وتعالى يعطيك حتى وأنت في حالة معصية .. تعصي الله سبحانه وتعالى وفي حال ارتكاب المعصية الله عزّ وجلّ لا يوقف عنك عمل هذا القلب أو عمل تلك الأجهزة الدقيقة في نفسك ..

الله سبحانه وتعالى ينعم عليك بدون أن تسأله فما بالك إذا سألته ، بعكس المخلوق عليك أن تطرق بابه حتى يعطيك ..

الله سبحانه وتعالى ينعم عليك وهو الغني عنك أما المخلوق فيعطيك لكنَّ وراء الأكمه ما وراءها إنه يـريد ولو شيئًا يسيرًا من هذه الدنيا ..

إذًا إنعام الله سبحانه وتعالى إنعام مطلق على هذا العبد الضعيف ، أما إنعام هذا المخلوق فهو إنعام قاصـــر ..

*****************



0 أضف تعليق:

إرسال تعليق

أخي الزائر/أختي الزائرة:
قبل أن تكتب تعليقك ،تذكر قول الله تعالى :

{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية(18)

.๑. (النور جل جلاله) .๑.

لماكان النور من أسمائه سبحانه وصفاته كان دينه نورا،ورسوله نورا،وكلامه نورا، ودار كرامته لعباده نورايتلألأ،والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين،ويجري على ألسنتهم،ويظهر على وجوههم،ويتم تبارك وتعالى عليهم هذا النور يوم القيامة