الاثنين، 24 أكتوبر 2011

التفكر




بسم الله الرحمن الرحيم


سلسلة برنامج غاياتنا

التفكر


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف ألأنبياء والمرسلين.

أما بعد:
نتكلم في يومنا هذا عن مطلب يطلبه كثير من الناس وهدف نبيل يسعى إليه كثير من الخلق، ألا وهو:

القدرة على التفكر والاعتبار

فإن الله - عز وجل - أمرنا بالتفكر في كتابه، وجعله غاية وحكمة لكثير من المسائل التي عرض عليها أو نبه إليها سوى مما يتعلق بخلق الله- عز وجل- أو بما قصه علينا من أحوال الأمم الماضية ،يعتبر المؤمن ويتفكر في الآيات الكونية التي خلقها الله في الكون، فإن ذلك من أسباب معرفة قدرة
الله- عز وجل- وذلك من أسباب إجلال الله- جل وعلا- وخشيته سبحانه وتعالى: (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون).
أي: إنما يستفيد من التفكر من لهم عقول يستعملونها.


-         أمر الله - عز وجل- بالنظر والاعتبار فقال:(فاعتبروا يأُوْلِى الأبصار).

أي: انظروا إلى فعل هؤلاء الذين قصهم الله عليكم في كتابه، واحذروا أن تفعلوا مثل فعلهم فيكون ذلك سبب من أسباب ورود العقوبة التي وردت عليهم فتكونوا معاقبين بمثل العقوبة التي نزلت عليهم.


-         إن المؤمن يتفكر في نصر الله لأوليائه المؤمنين، كانوا مؤمنون في عصور عديدة ضعفاء قلة، ومع ذلك نصرهم الله - جل وعلا- قال سبحانه:(قد كان لكم ءاية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأى العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذالك لعبرة لأُولى الأبصار).


-         وهكذا أيضا يتفكر المؤمن في تلك الأمم المكذبة لأنبياء الله، كيف انزل الله عليهم العقوبات العظيمة: (هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيدهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يأولى الأبصار).


يقول تعالى:(فكذب وعصى*ثم أدبر يسعى*فحشر فنادى *فقال أنا ربكم الأعلى*فأخدهُ الله نكال الآخرة والأولى*إن في ذالك لعبرة لمن يخشى).


-         كذلك يعتبر الإنسان ويتفكر في المخلوقات العظيمة التي خلقها ربنا- جل وعلا- :(يقلب اللهُ الليل والنهار إن في ذالك لعبرة لأولى الأبصار). يقول سبحانه:(أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم*إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين).


-         هكذا أيضا يتفكر الإنسان في قدرة الله حينما يخرج الأمور مما يُضادها، يكون هناك أمر ثم يجعل الأمر المضاد له خارج منه، كما هناك ليل ظلام دامس ثم بعد ذلك يخرج من بين هذا الظلام الدامس نور الصبح مضيئا وهكذا يخرج من الحي ميت ويخرج من الميت حي، يخرج من الأمور المتضادة أمورا متجانسة ،يقول سبحانه:(وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونهِ من بين فرث ودم لبنا خالصا سائِغا للشاربين*ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في  ذالك لأية لقوم يعقلون).


-         كذا يعتبر الإنسان بالأمم السابقة، كيف كانت أحوالهم، أمم مثلنا بعضهم عندهم قوة وقدرة قد لا نصل إلى بعض تلك القوة، ذهبت تلك الأمم وزالت ولم يبق من أمورهم إلا التاريخ، حديث يقص وأسمار تتلى، وقد ذهبت تلك الأمور،  يقول تعالى :(لقد كان في قصصهم عبرة لأولى الأبصار ما كان حديث يفترى ولأكن  تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون). 
يقول - جل وعلا- (أفلم يهدي لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى ).


-         كذلك يعتبر الإنسان بأحوال قرابته الذين كان يعيش بينهم، كانوا في بيت واحد وفي محل واحد، أين هم؟؟ ذهبوا، وانتقلوا لدار الآخرة، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (زوروا القبور فإن فيها عبرة) ، وفي لفظ (فإنها تذكركم الآخرة ).


-         هكذا أيضا يتفكر الإنسان في أحوال الدنيا وفي تقلباتها، كيف كان أولئك على غنى وثراء فاحش، فإذا بهم فقراء يستجدون الناس، ذلك الإنسان كان على درجة عالية من الصحة وأصبح الآن يقاسي الأمرين مع أمراض تتابع عليه، من الذي بدل حاله؟ رب العزة والجلال.


-         ذكر عمر بن عبد العزيز يوم من الأيام، فسُل عن ذلك فقال: فكرت في الدنيا ولذاتها وشهواتها، فاعتبرت منها بها ما تكاد شهواتها تنقضي حتى تكدرها مرارتها، ولئن لم يكن فيها عبرة لمن اعتبر إن فيها مواعظ لمن ادكر.


-         كذلك يتفكر الإنسان في تقليب أحوال الخلق من حال إلى حال، (فلينظر الإنسان ممَّ خُلق*خُلق من ماءٍ دافق)) ((مالكم لا ترجون لله وقارا*وقد خلقكم أطوارا).


-         كذلك يتفكر الإنسان في أحوال طعامه الذي يأكله كيف مرت عليه أحوال كثيرة، (فلينظر الإنسان إلى طعامه* أنا صببنا الماء صبا *ثم شققنا الأرض شقا*فأنبتنا فيها حبا*وعنباً وقضبا*وزيتوناً ونخلا*وحدائق غلبا* وفاكهةً وأبّا*متاعاً لكم ولأنعمكم).


-         لقد اشتمل كتاب الله على الأدلة العقلية والشرعية المقنعة، فهل من متفكر فيها؟


فالاعتبار والتفكر تقوية للإيمان، تعريفٌ بالحقائق المخلوقات معرفة لدنيا وزوالها، تذكُر للأخرى قناعة برزق زيادة بصيرة، إدراك لعواقب الأمور، معرفة لقدرة رب العالمين وعظمته،فأين العقلاء الذين يسعون إلى هذه الغاية المهمة والعظيمة؟ألا وهي التفكر والاعتبار.


أسال الله - جل وعلا - أن يجعلنا وإياكم من المتفكرين المعتبرين.

كما  أسأله - جل وعلا- أن يعطينا قوة في تبصر الأمُورِ ومعرفة حقائقها.

هذا والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


0 أضف تعليق:

إرسال تعليق

أخي الزائر/أختي الزائرة:
قبل أن تكتب تعليقك ،تذكر قول الله تعالى :

{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية(18)

.๑. (النور جل جلاله) .๑.

لماكان النور من أسمائه سبحانه وصفاته كان دينه نورا،ورسوله نورا،وكلامه نورا، ودار كرامته لعباده نورايتلألأ،والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين،ويجري على ألسنتهم،ويظهر على وجوههم،ويتم تبارك وتعالى عليهم هذا النور يوم القيامة