الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

:: عــــــــــــــام جديد، وأمل جديد ::



قال الحسنُ البصريُّ - رحمه الله - : " ما من يوم ينشقُّ فجره إلا ويُنادي : يا ابن آدم أنا خلقٌ جديد ، وعلى عملك شهيد ، فتزوّد منِّي فإني إذا مضيتُ لا أعود .. إلى يوم القيامة ".. 

إن دخولك في عام جديد – أيها المسلم– يعني زوال عاماً بأكثر من ثلاثمائة يوم قد مضى من عمرك , به ابتعدت عن دنياك , وقربت من قبرك , وآذان بلوغك الحساب , فينبغي أن يكون لهذا أثراً في النفس , ومراجعة في الحسابات - على أننا لا نعتقد أن لنهاية العام مزية أوله أحكام خاصة , بل هو تأريخ اصطلح عليه صحابة النبي عليه الصلاة والسلام لضبط أمور الناس - ولكنه في الوقت ذاته حَدَثٌ يتذكر به الإنسان , وأنه إيذاناً بانقضاء الزمان وذهاب الأجيال , وزوال الدنيا ونهاية الأعمار , ولكن لما رانت الغفلة على القلوب , وأثقل حب الدنيا كواهل النفوس ركنا لها , وظننا أننا فيها مخلدون .


يا موفق: 


هاهو العام الجديد ينزل بنا مستحضرين فضل الله علينا بمد أعمارنا , متذكرين من مضى من الأموات الذين انقطعت آمالهم , وارتهنوا بأعمالهم , فبادر عمرك قبل الفوات..


فيأيها المسلم أطل عمرك بعمل الخيرات وعمل الطاعات ، كما قال المصطفى في الحديث الذي رواه أحمد وغيره وهو حديث صحيح: ( اغتنم خمساً قبل خمس ، حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك ، وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك


اغتنم هذه الغنائم ولا تضيع عمرك ولا تضيع ساعات وقتك فإن العمر يولى وغدا سترى نفسك بين يدي الله .




الـدّهر ذو دولٍ والموتُ ذو علل
والـمرءُ ذو امـلٍ والـناس اشباهُ

ولـم تـزل عـبرٌ فـيهنّ معتبرٌ
يـجري بـها قـدَرٌ والله اجـراهُ

والـمُبتلَى فـهَو الـمهجور جانبه
والـناس حيث يكون المال والجاهُ


يـبكي ويضحك ذو نفسٍ مصرّفة
والله اضـحـكـه والله ابـكـاهُ

يـابائعَ الـدين بـالدنيا وبـاطلها
تـرضى بـدينك شيئاً ليس يسواهُ


حـتى متى أنت في لهوٍ وفي لَعِبٍ
والـموت نـحوك يهوي فاغراً فاهُ

مـا كـلّ مـا يتمنى المرء يدركه
رُبّ امـرىء حـتفه فـيما تمنّاهُ


والـناس فـي رقدةٍ عما يُراد بهم
ولـلـحوادث تـحـريكٌ وإنـباهُ

أنـصفْ هديت إذا ماكنت منتصفاً
لا ترضَ للناس شيئاً لستَ ترضاهُ

يـا رُبّ يـوم اتـت بشراه مقبلةً
ثـم استحالت بصوت النّعي بشراهُ

لا تـحقرنّ من المعروف اصغره
احـسنْ فـعاقبة الاحـسان حُسناهُ


وكـلّ امـرٍ لـه لا بـدّ عـاقبةٌ
وخـير أمـرك مـا احمدتَ عُقباهُ

نـلهو ولـلموتٌ في الدنيا وأبعده
ومـا أمـرّ جـنى الـدّنيا واحلاهُ


كم نافس المرء في شيء وكابر فيه
الـناس ثـم مـضى عنه وخلاّهُ

بـينا الـشقيق على إلفٍ يُسَرّ به
اذ صـار اغـمضه يـوماً وسجّاهُ

يـبكي عـليه قـليلاً ثـم يُخرجه
فـيسكن الارض مـنه ثّـم ينساهُ

وكـلّ ذي اجـلٍ يـوماً سـيبلغه
وكـلّ ذي عـملٍ يـوماً سـيلقاهُ


ولعلنا نعلم أن خير طريقة للتعامل مع العام الجديد أن نستقبله بالتوبة النصوح والعزم على عدم العودة للذنوب والعزم على امتثال أوامر الله واجتناب معاصيه والتمسك بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والسير على طريقة السلف الصالح .


ولا يخفى علينا أن العام الواحد عبارة عن اثني عشر شهراً ، والشهر أسابيع والأسبوع أيام والأيام الساعات والساعات دقائق !



فمن صلحت دقائقه وساعاته صلحت شهوره وأعوامه. وأحب العمل إلى الله أدومه وإن قل . فخذ من العمل ما تستطيع وأنت له محب خير من أن تثقل على نفسك فتترك العمل وأنت فيه زاهد  .


أخي اقنع نفسك بأنك قادر على الإنجاز والإنتاج ..

 واعلم  أن الخطوة الأولى للإرتقاء هي الرغبة الأكيدة والصادقة في ذلك، وذلك بعد الإستعانة بالله ، وتنهبّــــــــه أن التغيير يبدأ من نفسك، يقول الله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).

 ويقول أحد الحكماء: (عندما تكون لديك الرغبه المشتعله للنجاح ، فلن يستطيع أحد إيقافك). 


فليس المهم هو ما يحدث لك، ولكن المهم هو ما تفعـله بما يحدث لك، 

فإن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال: (إستعن بالله ولا تعجز؛ ولا تقل لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا ، ولكن قل قدر الله وما شاء فعـل ).


وأخيراً:

 أخي الحبيب تذكر قوله صلى الله عليه وسلم : (لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ)  .


يا عبد الله لقد طويت صفحات  بخيرها وشرها إلى غير رجعة حتى يوم الدين ربح فيها من ربح وخسر فيها من خسر  فهلا عاهدت الله على أن يكون حالك في العام المقبل أجدى،و أنفع؛حتى تأتي في مثل هذا اليوم لتجد صحائفك أبهى وأجمل حين الحصاد  نهاية العام؟



أخي الحبيب إني أحذر نفسي وإياك من (السين وسوف) فهما سبب ما نحن فيه من تأخر وضياع،فلنشمر عن سواعد الجد ونعقد  العزم و لنبدأ من الآن.



صيد الفوائد.

0 أضف تعليق:

إرسال تعليق

أخي الزائر/أختي الزائرة:
قبل أن تكتب تعليقك ،تذكر قول الله تعالى :

{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية(18)

.๑. (النور جل جلاله) .๑.

لماكان النور من أسمائه سبحانه وصفاته كان دينه نورا،ورسوله نورا،وكلامه نورا، ودار كرامته لعباده نورايتلألأ،والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين،ويجري على ألسنتهم،ويظهر على وجوههم،ويتم تبارك وتعالى عليهم هذا النور يوم القيامة