الجمعة، 9 سبتمبر 2011

صلاح القلوب

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة برنامج غاياتنا

صلاح القلوب


الحمد لله رب العالمين يتصرف في أحوال خلقه كيف يشاء ،يقلب قلوب العباد على وفق ما يريد ، نحمده سبحانه ونشكره ونثني عليه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده  لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله..

  أما بعد :

فإن من الغايات التي يسعى إليها العقلاء: أن يصلح الله قلوبهم ،كم في صلاح القلوب من خير وسعادة وسبب استقامة في الدنيا والآخرة ، ما أحسن حال أولئك الذين صلحت قلوبهم،  إن الذين صلحت قلوبهم يتولاهم الله في ولايته يقول الله تعالى: [إن يعلم  الله فيكم خيراً يؤتكم خيراً مما أخذ منكم ].
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {إن لله لا ينظر إلى صوركم وأشكالكم وإنما ينظر إلى
 قلوبكم وأعمالكم }   (كما ورد ذلك  في الصحيح).

ونظراً لأهمية موضوع صلاح القلب؛ اهتم المؤمنون من عهد النبوة إلى عصرنا بهذا الموضوع المهم وكان العلماء الصالحون يدعون الله بإصلاح قلوبهم.

وانظر لقوله تعالى في حكاية عن المؤمنين: [اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ].

وانظر لقوله تعالى: [ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ].
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك )، ( اللهم يا مصرف القلوب اصرف قلبي لطاعتك ).

إن اهتمام العبد بإصلاح قلبه وصرفه كثيراً من وقته لإصلاحه،  هذا من أعظم أسباب النجاة والفلاح والسعادة   في الدنيا والآخرة بل هو من أسباب العصمة عن كثير من الذنوب ..

 ومن هنا فإننا نقول: إن القلب مصدر الأعمال ومصدر جميع الأقوال والاعتقادات ، ولذلك علينا أن نعتني بقلوبنا قال الله تعالى: [وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ].
  يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله،وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب).

فينبغي بنا أن نعتني بهذا القلب لأنه مصدر الأعمال، ثم إن الأجر والثواب على الأعمال إنما يكون قدر ما في القلوب من النيات والرغبات..

ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات  وإنما لكل امرئ ما نوى)
وقال تعالى: (ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف  نؤتيه أجرا عظيما).

 ثم أن القلب سريع التقلب، مرة يذهب يمنة ومرة يذهب يسرة، ولا يجد المرء عاصما لقلبه..

 ومن هنا ينبغي  بنا أن نعتني بالقلب حتى  نصلح هذا القلب وننقيه من هذه التقلبات، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء).

كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ومقلب القلوب)، وفي حديث أنس: (مثل القلب كمثل ريشة بأرض فلاة تقلبها الرياح).

 ثم هذا القلب ترد عليه الشياطين وتلقي فيه الوساوس، فمتى أصلحنا القلب فبإذن الله لن تتمكن الشياطين من إلقاء هذه الوساوس ولو ألقتها فلن يستجيب المرء لها، ومن هنا
 قال الله جل وعلا: (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائِهم لجادلوكم وإن أطعتموهم أنكم لمشركون ) ويقول: [فلولا إذ جاءهم  بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا  يعملون ]

وجاء في الأثر: عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: {إن الشيطان جاثم على قلب ابن أدم فإذا سها وغفل وسوس وإذا ذكر الله خنس }.

 الشياطين تلقي في قلوب العباد الوساوس المؤثرة على أعمالهم  واعتقاداتهم   وتصوراتهم؛ ولذلك علينا أن نحفظ قلوبنا من ورود الشياطين عليها .


القلب أداة يتمكن  الإنسان من فهم صحيح لما يعرض عليه، أداة يتمكن منها من التفريق بين الحق والباطل، قال الله تعالى عن أولئك  الكافرين: [فما أغنى عنهم سمعهم  ولا أبصارهم ولا جلودهم من شي إذ كانوا يجحدون بآيات الله ]، ويقول سبحانه: [فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء ].

 إذا جاء يوم القيامة فإن الله جل وعلا سيسأل العبد ماذا فعل في جميع أموره؟
 ومن ذلك القلب، يقول الله عز وجل: [ إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ].

يمكن أن يؤثر على القلوب بالإكثار من الاتصال بالله عز وجل؛ فإن الصلاة صلة بين العبد وربه سبحانه وتعالى، فمتى اتصل القلب بالله وخشع المرء في صلاته أثر ذلك على القلب أيما تأثير.

 ومن ذلك أيضا الإكثار من قراءة كتاب الله؛ فإن القرآن فيه مواعظ تزجر القلوب، وفيه حجج تقنع القلوب وفيه قصص تؤثر على القلوب.
ومن هنا لابد أن نتجه نحو هذا الكتاب العظيم.

ومــن الأسباب المؤدية إلى إصلاح ما في القلب: الصيام؛ فإن للصوم تأثيرا عجيباً في حفظ جوارح الإنسان الظاهرة  والباطنة..

  وهناك كثير من الأعمال التي تؤثر على ما في القلب فعلينا أن نتدارسها وأن نعرف معانيها لنكون بذلك ممن حمى قلبه بإذن الله عز وجل من أن ترد عليه الشياطين أو يتقلب من باطل إلى حق .


أسأل الله جل وعلا أن يوفقنا وإياكم  إلى خيري الدنيا والآخرة ،وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين..

اللهم أصلـح قلـوبنــــا، اللهم أصلح قلـوبنـــا، اللهم أصلــــح قلــوبنــــــــــــــــا.

هذا والله أعلم ،  وصلـى الـلـه عــلى نبينـــــــــا محمـد وعلى آلــــــــــــه وصحبــه أجمعيـــــــــــن.

0 أضف تعليق:

إرسال تعليق

أخي الزائر/أختي الزائرة:
قبل أن تكتب تعليقك ،تذكر قول الله تعالى :

{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية(18)

.๑. (النور جل جلاله) .๑.

لماكان النور من أسمائه سبحانه وصفاته كان دينه نورا،ورسوله نورا،وكلامه نورا، ودار كرامته لعباده نورايتلألأ،والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين،ويجري على ألسنتهم،ويظهر على وجوههم،ويتم تبارك وتعالى عليهم هذا النور يوم القيامة