الاثنين، 2 أبريل 2012

رضـــــــــــــا الله






بسم الله الرحمن الرحيم


سلسلـــــــة غايتنـــــا


رضـــــــــــــا الله


الحمد لله رب العالمين ... والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ...

أمـا بعد ...

فأرحّب بأخواني الأعزّاء ... نتحدّث معهم اليوم في موضوع في غاية الأهميّة يطلبه العقلاء ويبحث عنه كل مؤمن ألا وهو  رضا الله ..

فإن رضا رب العالمين من أسمى الغايات التي يسعى إليها العقلاء , كما قال جلّ وعلا في كتابه العزيز ((وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ))[التوبة:62] , ويصف الله جلّ وعلا رضوانه فيقول ((وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ))[التوبة:72] .

ولمّا قسّم الله جلّ وعلا الناس إلى قسمين جعل أحد القسمين ممن يتّبع رضا الله والأخر ليس كذلك كما قال سبحانه ((أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَن بَاءَ بِسَخَطٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ))[آل عمران:162] , 


رضا الله من اتبعه فهم كلام الله وهداه الله سبل السلام وأخرجه من الظلمات إلى النور ((يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ))[المائدة :16] .

يتمكّن العبد من أن يستجلب رضا الله رب العالمين بصفات متعددة , من تلك الصفات :

الصــــــــــــدق سواء كان الصدق في الأفعال أو الصدق في الأقوال , 


قال الله تعالى (( قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ))[المائدة :119] .

من الأسباب الجالبة لرضا رب العالمين :

إتّباع سلف الأمة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال جلّ وعلا ((وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ))[التوبة :100] .

من أسباب الحصول على رضا رب العالمين :

الصدق في العهد مع الله (( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا[18] وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا[19]))[الفتح] .

إنَّ الإيمان والعمل الصالح مما يستجلب به المرء المؤمن العاقل رضا رب العالمين كما قال سبحانه (( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ[7] جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ [8] ))[البيّنة] .

كان من دعاء العبد الصالح أن سأل ربه فقال ((وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ))[النمل:19] ..

إنَّ من أسباب رضا الله عن العبد أن يكون العبد شاكراً لنعم الله مثنياً بها على الله جلّ وعلا كما قال سبحانه ((وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ))[الزمر:7] .

كما أن من أسباب الحصول على رضا رب العالمين :

عدم موالاة أعداء الله كما قال سبحانه ((لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ))[المجادلة :22] .

من أسباب تحصيل رضا رب العالمين :

الاتصاف بصفة التقوى بأن يتقي الإنسان المعاصي ويُقدم على الطاعات رغبة في رضا الله , قال سبحانه (( قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ))[آل عمران:15] .

انظروا إلى قصة موسى عليه السلام لما أخبر أنه حرص على الإقدام على الطاعات بسرعة ليحصل على رضا رب العالمين فقال ((وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى))[طه:84] .

إنَّ من الأعمال الصالحة التي يفعلها الإنسان فيكسب رضا رب العالمين :

الحرص على آداء مناسك الحج والعمرة كما قال تعالى (( وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا))[المائدة:2] .

كذلك الصلاة .. فإنها من أسباب الحصول على رضا رب العالمين قال تعالى ((تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ))[الفتح:29] .

هكذا أولئك الّذين أخرجوا من ديارهم وصفهم الله بأنهم من الحاصلين على رضا الله ((الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ))[الحشر:8] .

من أسباب تحصيل التقوى :

أن يحفظ الإنسان لسانه فلا يتكلم إلّا بالكلام الطيب الذي يقرّبه عند الله {{ وإنّ العبد ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله يبلغ بها عند الله منزلاً ومكانة }} كما ورد في ذلك أحاديث عديدة , وهكذا من قدّم محبوب الله على مرضاة الناس رضي الله عنه فإن من ألتمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس , ومن ألتمس سخط الله برضا الناس سخط الله عليه وأسخط عليه الناس .

الصيام من أسباب تحصيل رضا رب العالمين :

انظر لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه في الحديث القدسي الصائم فوصفه [[ بأنه يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ــــ جاء في بعض الألفاظ ابتغاء مرضاتي ـــ ]] .

هكذا أيضا الصدقة والإصلاح بين الناس من أسباب رضا رب العالمين , قال تعالى ((لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا))[النساء:114] .

وهكذا يحرص المؤمن على النفقة في سبل الخير لأنها من أسباب رضا رب العالمين (( وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ ))[البقرة:265] .

جاء في الحديث أولئك الثلاثة النفر الّذين أعطاهم الله المال ثم أرسل إليهم ملكاً من أجل أن يختبرهم هل يؤدون شكر هذه النعم , فأعطاه أحدهم ومنع الآخران , فؤخذ مال الآخرين الّذَين لم يعطيا وبورك في مال الذي أعطى , ولذلك قال الملك لهذا الرجل الذي أُبقي ماله :
[[ فسخط الله على صاحبيك ورضي عنك ]] ..

أسأل الله جل وعلا أن يرضى عنا وعنكم .. وأن يجعل رضاه حالّاً علينا في جميع أوقاتنا ..
 كما أسأله سبحانه أن يرضى عن المؤمنين جميعا ...

هذا والله أعلم ...
 وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعيــن ......



0 أضف تعليق:

إرسال تعليق

أخي الزائر/أختي الزائرة:
قبل أن تكتب تعليقك ،تذكر قول الله تعالى :

{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية(18)

.๑. (النور جل جلاله) .๑.

لماكان النور من أسمائه سبحانه وصفاته كان دينه نورا،ورسوله نورا،وكلامه نورا، ودار كرامته لعباده نورايتلألأ،والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين،ويجري على ألسنتهم،ويظهر على وجوههم،ويتم تبارك وتعالى عليهم هذا النور يوم القيامة