الأربعاء، 28 مارس 2012

صـــــــــــــــلاح الذريـــــــة










بسم الله الرحمن الرحيم

ســـلســــــــلة غايتـــــــــنا

صـــــــــــــــلاح الذريـــــــة


الحمد لله رب العالمين ..نحمده على نعمه الكثيرة المتوالية ..وأشكره على مزيد فضله ..وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلّم تسليماً كثيرا....

أمّــــــا بعــــــــد ...

فإن من المطالب التي يسعى إليها كثير الناس , وتكون من غاياتهم المهمّة أن يكون لهم ذرّيّة صالحة تكون عوناً لهم في دنياههم , وتكون سبباً من أسباب رفعة درجتهم في جنة الخلد فإن المؤمنون يدعون الله جلَّ وعلا فيقولون (( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا))[الفرقان:74]. والمؤمنون يؤملون أن يكون أولادهم ممن يثمرون عليهم عملاً صالحاً بعد وفاتهم , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :{{ إذا مات الإنسان انقطع عمله إلّا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له }} 

 ولذلك أوصى الله جلَّ وعلا بالأولاد في مواطن عديدة من كتابه العزيز , فقال سبحانه ((يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ))[النساء:11]

 وهذه الآية وإن كانت قد وردت في المواريث إلّا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب , وقد قال سبحانه (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ))[التحريم :6] ومما يدخل في الأهل الأولاد , ولذلك فإن كل سبب يؤدي إلى تجنيب أولادنا دخول نار جنهم فإننا مأمورون به شرعاً .

وفي المقابل ينبغي أن يكون هؤلاء الأولاد عوناً لنا على 
طاعة الله لا أن يكونوا مشغولين عن ذكر الله وطاعته , يقول سبحانه ((أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ))[المنافقون:9] .


وقد يأتي لبعض الناس أولاد فيكونوا أسباب شقاءهم في الدنيا والآخرة , ومن هنا فنحن نسعى إلى أن نكون ممن صلحت ذريّاتهم فنكون بذلك ممن سعدوا بأولادهم , قال تعالى ((فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ))[التوبة :55] .

وقد أخبر الله عزَّ وجل أن الشيطان يشارك كثيراً من الناس في ماله و ولده قال تعالى عن الشيطان ((وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً))[الاسراء:64] ولذلك علينا أن نتدارس الوسائل التي بإذن الله تحقق لنا هذه الغاية الطيبة ( صلاح الأولاد )...

فأوّل ذلك .. تعاهدهم في الصلاة :

فإن الصلاة لها أثر في حياة الإنسان لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر , الصلاة التي هي صلة بين العبد وربه تجعل الأولاد بارّين بآبائهم , كان من شأن أنبياء الله عليهم السلام أنهم يتفقّدون أبنائهم في أمر الصلاة , هذا إسماعيل يأمر أهله بالصلاة , والله جل وعلا يقول ((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى))[طه :132] .

كذلك من أسباب صلاح الأولاد :

متابعتهم والعناية بهم واستحضار أنهم اختبار من عند  الله عزَّ وجلّ :

فإن الله يختبرك في أولادك ..هل تربيهم التربية الصحيحة تتقرّب بذلك للله عزّ وجل ..يقول الله تعالى ((وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)) أي اختبار((وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ))[الأنفال :28] .

إذا كان أولادك ممن تأمرهم بالخير والطاعة فإنهم حينئذٍ سيكونون مثال لك وستكون ناجحاً في اختبارك, وأمّا إذا كان الأمر بعكس ذلك فسيكونون وبالاً عليك , يقول تعالى (( وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ))[ سبأ:37] فهؤلاء الصنف هم الّذين تُقرّبهم أموالهم وأولادهم عند الله زلفى لأنهم احتسبوا الأجر في تعليم أولادهم .

ومن وسائل إصلاح الأولاد أيضاً .. شغل أوقاتهم بما ينفعهم

وإبعادهم عن سفاسف الأمور وعن الأمور التي تؤدي إلى اشتغالهم بما لا ينتفعون به فضلاً عن أن يشتغلوا بما يكون مضرّاً بهم .

وفي زماننا الحاضر و ورود هذه القنوات الإذاعية والتلفزيونية المتعدّدة و ورود هذه الألعاب الأطفالية المتعدّدة ينبغي أن ننتقي من القنوات ما يكون صالحاً لأبنائنا , وننتقي من الألعاب ما يزيد قدرة أبنائنا وقربهم من الله جلَّ وعلا .

إنَّ مجالسة تلك القنوات التي تبثُّ أموراً محرّمة , وتعوّد أبنائنا على سلوكيات غير مرغوب فيها , إنها تعوّدهم على إجرام أو تهيّج أمورهم الجنسية وتثير لهم الصعار , أو تجعلهم تافهين لا ينظرون إلى ما خلقوا من أجله , مثل هذه القنوات ينبغي أن نحمي أنفسنا وأبنائنا عنها .

إذا كان الله جلَّ وعلا يقول لنبيّه صلى الله عليه وسلم مع ما لديه من اليقين والإيمان يقول له (( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ))[الأنعام:68] فكيف بنا نحن! ..

وقال سبحانه ((وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا))[النساء:140] .

ومن أسباب صلاح الأولاد .. انتقاء الرفقة الصالـــــــــــــــــحة :

والصحبة الطيبة الّذين تنفع صحبتهم في الدنيا والآخرة , فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول :{{ المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل }} ويقول صلى الله عليه وسلم :{{ مثل الجليس الصالح كحامل المسك إما أن يحذيك , وإما أن تبتاع منه , وإما أن تجد منه ريحاً طيبة , ومثل الجليس السوء كنافخ الكير إما أن يُحرق ثيابك, وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة }} .

ومن أعظم ما يؤدي إلى صلاح الأولاد .. ربطهم بكتاب الله عزَّ وجلّ :

فهم بالقرءان يتعلّمون الأدب الحسن , يتعلّمون برّ الوالدين , يتعلّمون حسن التعامل مع الآخرين , بالقرءان تزيد ملكاتهم وقدراتهم ومعرفتهم باللغة , ويزيد عقلهم وتكبر مداركهم .

فإذا وجهّت أبنائك إلى القرءان فحاول أن تكون بذلك متقرّباً لله , وحاول أن ترغّبهم في القرءان ليكون ذلك مندفعاً من دافع ذاتي , وحاول أن تربطهم بحسن التعامل مع الأستاذ ليكونوا على أكمل درجات الأخلاق مع أستاذهم وليكون الأستاذ رفيقاً بهم .

وحاول أن تُفهّمهم معاني القرءان ليلتصقوا بها ويعرفوا قيمتها ويجعلهم ذلك يتخلّقون بأخلاق القرءان ويسلكون الأعمال الصالحة التي ورد القرءان بالترغيب فيها .

إنّ دعاءك لأبنائك بأن يحفظوا كتاب الله وبذلُك الأسباب في ذلك ومتابعتهم شخصيا يجعلك بذلك ممن تقرّب إلى الله عزَّ وجلّ وعظم أجره , فإنه ما قرأ ابنك آية من كتاب الله بل ما قرأ حرفاً من كتاب الله إلّا وكان لك مثل أجره .

ومن هنا ينبغي أيضا أن نعرّف أبنائنا بالآداب الإسلامية الطيبة وأن نعلّمهم الحقوق الواجبة عليهم , انظر لما جاء عمر ابن أبي سلمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال :{{ يا غلام سمِّ الله وكل بيمينك وكل مما يليك}} عمر ابن أبي سلمة غلام في حِجر النبي صلى الله عليه وسلم حرص على تعليمه الأدب الذي ينفعه .

ومن هنا .. أدّب أبنائك بأداب الطعام , واللباس , والتخلّق , والتعامل مع الآخرين .. إلى غير ذلك من أنواع الآداب .

أسأل الله جلّ وعلا أن يصلح ذرّياتنا جميعا.. اللهم أصلح أولادنا .. وأصلح أولاد كل من شاهدنا وأصلح أولاد المسلمين ..اللهم ردّهم إلى دينك ردّاً جميلا ..

اللهم أربطهم بكتابك العظيم واجعلهم يحفظونه ويتدارسونه ويتعلّمونه برحمتك يا أرحم الراحمين .

هذا والله أعلم ... وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعيــــــــــــــــــــــــن ....          





0 أضف تعليق:

إرسال تعليق

أخي الزائر/أختي الزائرة:
قبل أن تكتب تعليقك ،تذكر قول الله تعالى :

{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية(18)

.๑. (النور جل جلاله) .๑.

لماكان النور من أسمائه سبحانه وصفاته كان دينه نورا،ورسوله نورا،وكلامه نورا، ودار كرامته لعباده نورايتلألأ،والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين،ويجري على ألسنتهم،ويظهر على وجوههم،ويتم تبارك وتعالى عليهم هذا النور يوم القيامة