الأربعاء، 4 مايو 2011

:: لاتحزن ::



الحمد لله رب العالمين أحمده على نعمه الكثيرة التي أعطانا و أوصلها إلينا واشهد أن لا اله إلا الله وحده 
لاشريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله ..      
                                                          
                                                               أما بعد :                                                        
فإن الغاية التي نسعى إليها هي :إرضاء رب العالمين ،وهذه الغاية يحصل منها ثمرات عظيمة ومنها:
-عدم وصول الحزن إلينا ،فمن غاياتنا أن لانحزن ،والله جل وعلا قد أمرنا بترك الحزن كما قال تعالى : (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)
الحزن : ألم القلب لوقوع مكروه أو فوات محبوب،والحزن لا يغير شيئا من قضاء الله جل وعلا..
ومن هنا نهانا الله عن هذا الحزن الذي يزيد غمنا غما ولا يبعد عنا شيئا من المصائب كما انه قال:
(ولا تهنوا) أي :لا تضعفوا ولا تظهروا شيئا من الخور وذلك لان المؤمن يعلم أن القوة بيد الله وحده وأنه هو سبحانه وتعالى المتصرف في الكون لأراد  لما قضى ولا مانع لما أعطى إذا أراد شيئا فإنما يقول له :
كن فيكون ،بين أيدينا قصة النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل الغار ومعه أبو بكر ورد إلى قلب الصديق رضي الله عنه خوفا على النبي صلى الله عليه وسلم بسبب قرب الكفار منهم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:(لاتحزن إن الله معنا)
ومن كان الله معه كيف يحزن !؟
والله جل وعلا قد أخبر أنه مع المؤمنين ،مع المصدقين، مع المحسنين ومن كان الله معه فلن يحزن !

إذا كان الشيطان يحرص على إيقاع الحزن في قلوب المؤمنين من أجل أن يبعدهم عن العمل الصالح ويوقع عليهم الغم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(فإذا فاتك شيئا فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا فان لو تفتح عمل الشيطان)
 وقد قال سبحانه:(إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين امنوا وليس بضآرهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون) يريد الشيطان أن يوقع الحزن في قلوب المؤمنين،ولذلك لما قسم النبي صلى الله عليه وسلم الرؤيا إلى أقسام ذكر منها الرؤيا التي يوقعها الشيطان في قلب العبد لإيراد الحزن عليه ..
إذا وقع الحزن عل العبد بدون اختيار منه وبدون طلب له فإن ذلك يكون مصيبة وتكون مكفرة لشيء من ذنوبه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم( لا يصيب المؤمن هما ولا نصب ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كان ذلك كفارة لذنوبه) ..
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بدعاء الله جل وعلا بأن يبعد الحزن عن القلب..
 وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله جل وعلا من الحزن وذلك انه يؤلم القلب ويصده عن طاعة الله ويفرح عدوه عليه ويجعل الشيطان يلقي في قلبه من الوساوس ما يزيد حزنه إلى حزن أخر..
 ولذلك لما ذكر الله جل وعلا عن عبده الصالح يعقوب عليه السلام ما ورد إليه من حزن بسبب فقده لأبنائه قال:(إنما أشكوا بثي و حزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون)
 وعد الله جل وعلا أولياه المؤمنين بان يبعد عنهم الأحزان وخصوصا في الآخرة قال تعالى :(إلا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولاهم يحزنون) لا يخافون من مستقبل ولا يحزنون على ما مضى ..
ثم وصفهم بقوله:(الذين امنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة) فالإيمان والتقوى من أسباب إبعاد الأحزان عن القلوب ..
الدار الخالية من الأحزان هي الدار الآخرة هي دار الجنة كما قال تعالى:(الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين يا عبادي لأخوف عليكم اليوم ولا انتم تحزنون) وقال الله جل وعلا في وصف أهل الجنة:(وقالوا الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور) وقال جل وعلا:(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ) ..
إن المؤمن عندما يدعو إلى الله ولا يستجيب له بعض الناس لا ينبغي به أن يحزن بسبب ذلك فان هداية الناس إلى الإيمان أمر إلهي من الله جل وعلا فقلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء يجعل بعض العباد يقبلون على الطاعة والخير والإيمان ويصد آخرين عن ذلك ولذلك قال  الله تعالى:(قد نعلم انه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) ويقول جل وعلا :(ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا) ويقول جل وعلا:(فلا يحزنك قولهم إن نعلم ما يسرون وما يعلنون )(قل سيروا في الأرض فانظروا كيف عاقبة المجرمين)(ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون) 
إن المؤمن إذا علم أن القوة بيد الله فإنه لا يحزن بسبب كون بعض من يصدون عن دين الله عندهم شيئا من الأسباب الدنيوية التي تمكنهم من الصد عن دين الله (ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم )(يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك)(واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولاتك في ضيق مما يمكرون) ..
إذا علم العبد أن القوة بيد الله  جل وعلا وانه المتصرف في الكون فإنه حينئذ سيكون قلبه قويا بالله سعيدا بالله وسعيدا بأقدار الله وحينئذ فلن يتمكن عدوه منه ولن تصل الأحزان إلى قلبه لان الأمور بيد الله جل وعلا ،انظر لموقف النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة لما قال لما قال لأبي بكر :(لا تحزن إن الله معنا)(إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فانزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم) ..
قد يقترن بالحزن ما يجعل المؤمن يثاب على هذا الحزن كما لو ألم بسبب ما يصيب إخوانه المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها فانه حينئذ يؤجر على ذلك ويؤمر باتخاذ الأسباب التي ترفع هذا الظلم عن إخوانه المؤمنين فيكون بذلك ممن حاز على الأجور والثواب الجزيل .
أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا فرحين بأمر الله مستبشرين بكتاب الله سائرين على هدي نبي الله صلى الله عليه وسلم..
 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

0 أضف تعليق:

إرسال تعليق

أخي الزائر/أختي الزائرة:
قبل أن تكتب تعليقك ،تذكر قول الله تعالى :

{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية(18)

.๑. (النور جل جلاله) .๑.

لماكان النور من أسمائه سبحانه وصفاته كان دينه نورا،ورسوله نورا،وكلامه نورا، ودار كرامته لعباده نورايتلألأ،والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين،ويجري على ألسنتهم،ويظهر على وجوههم،ويتم تبارك وتعالى عليهم هذا النور يوم القيامة