الأحد، 10 أبريل 2011

السعادة



  بسم الله الرحمن الرحيم

غاياتنا

فضيلة الشيخ: سعد الشثري

السعادة

الحمد لله رب العالمين ،أسعد من شاء من عباده في دنياهم وأسعدهم في آخرتهم ،نحمده جل وعلا يتصرف في كونه بما يشاء .

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وسلم تسليماً كثيراً...

أما بعد:

فيا أيها المؤمنون إن من المطالب التي يسعى إليها كثير من أصحاب العقول والعباد {مطلب السعادة 

إذا سعد الناس في حياتهم استقرت أمورهم وابتعد عنهم القلق والهم والغم والاضطراب، إذا كانوا سعداء فإنهم سيتمكنون من أداء الأعمال الصالحة، سيتمكنون من فعل الخيرات،وسيكون ذلك سبباً من أسباب جعلهم يعبدون الله على أكمل الوجوه وأتمها ...

ومن أعظم أنواع السعادة أن تزول الهموم والغموم عن العبد ،وذلك أن العبد إذا كان مهموماً مغموماً فإنه لن يهنأ له بال ولن تستقر له نفس بل سيكون مضطرب في شأنه كله ، ولذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ( اللهم إني أعوذ بك من الهم و الحزن ) ...

انظر إلى قصة ( ذا النون )يونس عليه السلام في قوله تعالى: [ وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين*فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين]

يونس وعده قومه ليكون بينهم يوم يتقابلون فيه فخاف منهم فهرب فركب في السفينة فلما ركب في السفينة وسارت بهم في البحر قالوا إن السفينة ستغرق بسبب كثرة حمولتها فحينئذٍ قالوا لا حل لذلك  إلا أن نقذف أحدنا فاتفقوا على أن يضعوا قرعة بينهم فمن وقعت عليه القرعة فإنه سيوقع في البحر ليخفف من السفينة أحمالها فضربوا القرعة فوقعت على يونس ولأنهم يعلمون منه الخير والصلاح والتقى كما شاهدوه أول ركوبهم رغبوا أن يخرج غيره فأعادوا القرعة مراراً كل مرة تخرج عليه ، ، فحينئذٍ ألقوه في البحر فالتقمه الحوت فبقي في بطن الحوت سنين: [فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ] وبدأ يكررها فاستجاب الله له دعائه ونجاه من الغم قال الله: [وكذلك ننجي المؤمنين ]...

ولذلك فإن من أكبر أسباب سعادة الإنسان أن يحرص على مداومة ذكر الله جل وعلا وخصوصاً هذا اللفظ المبارك: [أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ].

 دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فوجد أحد أصحابه في المسجد فسأله عن سبب بقائه في المسجد فقال:هموم لزمتني وديون ركبتني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :قل: ( اللهم  إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل وغلبة الدين وقهر الرجال) قال فأذهب الله عني همي وقضى عني ديني .

اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل ومن غلبة الدين وقهر الرجال...

إن من أعظم الأسباب التي تؤدي إلى استقرار النفوس وطمأنينتها: الإيمان بالقضاء والقدر،فإذا علمت أن الله قد قدر الكائنات وأنه لا مناص لك عن قضاء الله وقدره استقرت نفسك ولن تتأسف وتتحسر على ما مضى عليك فإن الله تعالى قال: [وكل شيء خلقناه بقدر ].

ومن هنا فنحن نؤمن بالقضاء والقدر ونسلم له ونرضى به فلا يحصل منا إلا هدوء البال واستقرار النفس وسعادة القلب .

إن الله جل وعلا قد بين أن الخيرات في الدنيا تصل إلى أهل الإيمان وأنهم يسعدون بها لأنهم يصرفونها في طاعة الله ومراضيه،قال سبحانه:[قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة].

يقول تعالى:[ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ].
 فإذا ضاقت الأمور بالعبد وادلهمت ولم يجد الإنسان مخرجا لجأ إلى تقوى الله فكان ذلك من أسباب تخلصه من هذه المضايق التي وقع بها يقول الله تعالى: [ومن يتوكل على الله فهو حسبه ].

التوكل على الله تتميم الأمور عليه وحسن الظن بالله أن يقدر ما فيه خير ومن توكل على الله فهو حسبه،أي:أن الله كافيه ويبعد عنه الشرور والأضرار.

إذا خشيت أن يُلحق بك الآخرين ضرر إما بكيدهم وإما بمكرهم وإما بحسدهم أو ما يجد منهم من عين أو سحر أو نحو ذلك فتوكل على الله يكفيك الله شرهم وخصوصاً ما يتعلق بالأذكار الشرعية التي يحفظ الله العبد بها فإنها تؤدي إلى وقاية الإنسان من شرور الآخرين ...

لقد تكفل الله عز وجل بالسعادة في الدنيا لأهل الإيمان فقال تعالى: [للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ]،وقال: [للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة].

والمراد بالحسنة كما قال أهل العلم :رزق واسع وعيشة هنية وطمأنينة قلب وأمن وسرور، ويقول تعالى: [كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ].

 فإن أهل الإيمان إذا التزموا بإيمانهم أطاب الله معايشهم وجعلهم يتلذذون بها، وأما من طغى في نعم الله وتجبر وتكبر فإنه حينئذٍ يحل عليه غضب رب العالمين...

يقول الله سبحانه وتعالى [من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون].
 يعني :أنه يحيا في الدنيا بحياة هنية سعيدة حياة طيبة ، ويقول تعالى:[ ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماوات والأرض ].  

 ويقول (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً).
 
[ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما أستخلف الذين من قبلهم وليمكنن  لهم دينهم الذي أرتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ].
ويقول [ ومن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ] ضنكا: ضيقة. 
ويقول تعالى مبيناً أن أسباب زوال السعادة عن الناس هو ابتعادهم عن طاعة الله: [فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل ].

وقال تعالى: [ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ]. 
   الفــســاد : 
فساد الزروع فساد المآكل وفساد المشارب، هذا كله حدث بسبب ما يفعله الناس من ذنوب ومعاصي. 

   
اللهم أسعدنا، اللهم أسعدنا، اللهم أسعدنا...
           
 هذا والله أعلم  وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
                       


1 أضف تعليق:

غير معرف يقول...

اللهم أسعدنا، اللهم أسعدنا، اللهم أسعدنا...
آمين.

مقال طيب،بارك الله فيكم وفي شيخنا الشثري.

إرسال تعليق

أخي الزائر/أختي الزائرة:
قبل أن تكتب تعليقك ،تذكر قول الله تعالى :

{ مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية(18)

.๑. (النور جل جلاله) .๑.

لماكان النور من أسمائه سبحانه وصفاته كان دينه نورا،ورسوله نورا،وكلامه نورا، ودار كرامته لعباده نورايتلألأ،والنور يتوقد في قلوب عباده المؤمنين،ويجري على ألسنتهم،ويظهر على وجوههم،ويتم تبارك وتعالى عليهم هذا النور يوم القيامة